قلنا وسنظل نقول أن المشكلات الاجتماعية يتفاقم خطرها وتتجاوز أبعادها لتصل إلى أكبر مما يمكن تصوّره ، ولانبالغ إن قلنا إنها تتعدّى في تأثيراتها أي مشكل سياسي أو اقتصادي يستحوذ الآن على جلّ الاهتمام ، بل غالباً ماتكون المشكلات الاجتماعية أساساً لما سواها من مشكلات أو حاضنة وراعية أو باعثة لها ، تبدأ منها ثم تتدحرج إلى غيرها لالشيء سوى أنها تعمل على الفتك بمداميك المجتمع وأركانه .

ومن أكثر تلك المشكلات إيلاماً وتأثيراً هي مايتعلق بتفكّك الأسرة وعدم استطاعة بنيانها الصمود والاستمرار فيجري اللجوء إلى الطلاق الذي هو بحد ذاته ليس مخيفاً إلاّ إذا أصبح بمثابة الظاهرة التي تتزايد أرقام حالاتها دون أن يكون هنالك حلول ومعالجات تستهدف الحدّ منها والوقف من تضخّمها على النحو الذي باتت فيه أرقامه وإحصائياته تشكل مصدر خوف وقلق على سلامة اللبنات الأولى والدعامات الأساسية للمجتمع .

الأرقام تشير إلى ماتقارب نسبته (30%) هي حالات الطلاق من عموم عقود الزواج ، وأن جلّها في فئات الشباب ، وتلك حدود مخيفة ، وهي إلى تصاعد وليست نقصان ، وهي تدق نواقيس خطر تستدعي توجيه الاهتمام لها كأولوية لاتحتمل التأخير في معالجتها وصدّ تأثيراتها واستمرار ارتفاعاتها غير المحمودة أبداً .

وهنا لابد من الإشارة إلى ماذكره فضيلة الدكتور عبدالرحمن الفاضل خطيب جامع نوف النصار بمدينة عيسى في خطبته بالجمعة الماضية ، والتي خصصها – مشكوراً – للحديث عن هذا الخطر المجتمعي واعتباره من القضايا الخطيرة التي تهدد كيان المجتمع . وذكر أن الطلاق ليس ممنوعاً أو محرما إذا ما اضطّر إليه ، وإنما خطورته تكمن إذا ما أصبح ظاهرة متفشية في المجتمع يوقعه المتعجلون لأتفه الأسباب ، وأوهن الخلافات . وذكر فضيلته أنه للأسف الشديد فإن أغلب حالات وقوع الطلاق عندنا تتم لأسباب غير جوهرية وتنمّ عن جهل بالدين وأحكامه ، واسترخاص لمنزلة الزواج ، هذا العقد الأسري الوثيق داعياً إلى الوقوف عند هذه الظاهرة وإيجاد حلول تقوم على ثقافة ووعي تبقي بيت الزوجية محلاً للمودة والرحمة والانسجام ، تتعاون في ذلك مؤسسات الدولة المختلفة مع الآباء والأمهات الذين يجب أن يكون تدخلهم في مشاكل الزوجية كـ ( محضر خير ) وليس كـ ( نافخ في النار ) .