بينما الجهود والوفود الرسمية وحتى الأهلية لاتكاد تتوقف عن شدّ الرحال شرقاً وغرباً من أجل الدفاع عن البحرين وعرض الحقائق واستجلاء  التضليل وكشف الزيف الذي يجري بثّه أو التدليس فيه لتشويه صورة الوطن والإساءة إليه ، وتحريض بلدان ومنظمات وهيئات شتى لاتخاذ مواقف مناهضة ضد وطننا العزيز ؛ بينما الأمر كذلك ؛ تستقبل البحرين في برنامجها السنوي المسمى ربيع الثقافة – وبالطبع هذا الربيع كما سابقيه ليس له علاقة بالثقافة ولاهم يحزنون – فنان يعلن من على خشبة مسرح قلعة تُعدّ من أحد أهم آثارنا التاريخية : ” نحن مستمرون في النضال في أمريكا من أجل المضي قدماً نحو العدالة الاجتماعية ، نحن نصلي لذات الأمر من أجل شعب البحرين”!

الفنان المقصود هو الأمريكي الشهير ، مغني الروب وعازف البيانو ( من مصطلحات ثقافة هذه الأيام ) جون ليجند الذي خُصصت له أمسية ( ثقافية ) يوم الأثنين الماضي في قلعة عراد بالمحرق ، أحياها ثم في ختامها تحدث على وقع موسيقى هادئة عن نضاله من أجل التغيير في أمريكا ، وأنه لازال أمامهم طريق طويل ثم يربط ذلك بالبحرين ربطاً غريباً ومستهجناً ، فيقول : ” نحن مستمرون في النضال في أمريكا من أجل المضي قدماً نحو العدالة الاجتماعية، نحن نصلي لذات الأمر من أجل شعب البحرين . لأولئك الذين يقفون من أجل العدالة، وحرية التعبير، وحرية التجمع السلمي، وحرية التنظيم، دون خوفٍ من العقاب، اعلموا أنني أقف معكم”.

ولعلّنا نستذكر الآن أيضاً أن فناناً آخر ، كان فيما مضى بمثابة الضيف الحاضر على الدوام ، لسنوات مضت عديدة ، وكان لايكاد يسقط اسمه أو ينقطع عن هذه المهرجانات والبرامج المسماة زوراً بـ ( الثقافية ) ، هو الفنان مارسيل خليفة الذي اعتذر في العام 2012م عن المشاركة في ربيع ( الثقافة ) وأصدر بياناً جاء فيه : ” أنا متضامن مع أولئك الملايين الذين يهتفون ويصرخون احتجاجاً على القمع والموت، أنا منهم وفيهم، لا أبارحهم، دمي دمهم، صوتي صوتهم، مصيري مصيرهم ” ثم يضيف ” لهذا السبب، ولأنني لا يمكن أن أكون إلا مع شعبي في كل قطر عربي، أعتذر عن تلبية دعوة المشاركة في مهرجان الربيع بالبحرين،لا أستطيع إلا أن أكون في معسكر الحرية والمطالبة بالديمقراطية ونبذ العنف”.

وبذلك يكون جون ليجند مثل مارسيل خليفة ومثل  – ربما –عدّة نماذج أخرى فتحنا لهم بلادنا وأكرمناهم ، وبسطنا لهم أكفّ الاحتضان وغمرناهم بحفاوة الضيافة ، وكانوا على الرحب والسعة بالرغم من سوء مايقدّمونه قبل أن نكتشف أن أموالنا ذهبت هدراً وضياعاً على تلك الشخصيات والمهرجانات ( الثقافية ) ولم تنفع الوطن أو تخدمه في شيء عند حاجته لمن يقف معه لصدّ هجمات وبيان حقائق وتفنيد ادعاءات ..

سانحة :

رغم أن ماقاله جون ليجند في أمسيته ( الثقافية ) قد طارت به الركبان وتناقلته وكالات أنباء وفرِحت به أقوام وأصدرت جمعيات بيانات إشادة به ؛ إلاّ أن الجهة المنظمة ارتأت الصمت وفضّلت السكون ، ولم يصدر عنها ماينفي كلام مغنيها أو حتى يشكّك في النقل أو مراده !!