على إثر مانشرته في عمودي المتواضع يوم الخميس الماضي عن المطالبة بإيجاد حل سريع لحوالي (124) جامعياً انتهت عقود توظيفهم بانتهاء ميزانية مشروع توظيف (1912) عاطلاً جامعياً ؛ تلقيت اتصالاً كريماً ومشكوراً من السيد صباح الدوسري وكيل وزارة العمل أوضح لي خلاله مجموعة من الإجراءات والمساعي التي تقوم بها وزارته ، وبإشرافه الشخصي حتى لايُصار إلى عودة هذه المجموعة إلى الفئات العاطلة عن العمل .
وعلى مايبدو فإن المشكلة ليست بالضرورة فيما تقوم به وزارة العمل من جهود في هذا المجال بقدر ما إنها ثقافة مجتمعية نحتاج إلى تطويرها بحيث تتقبّل العمل في وظائف القطاع الخاص طالما أنها مهنة كريمة تساهم في تنمية البلد وتطويره ، وتوفر مصدر دخل لأفراده بدلاً من تفضيل العمل في القطاع الحكومي فقط ، فإن لم يتحصّل البعض على فرصة الوظيفة الحكومية فضّل البقاء عاطلاً بينما تبذل وزارة العمل جهوداً ليست هيّنة في توفير – أو حتى إلزام – وظائف بمؤسسات وشركات القطاع الخاص .
في الواقع ، وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية والمتغيرات الإقليمية والدولية ، والتوجهات العالمية حول الأدوار المفترضة للحكومات ؛ فإنه يصعب استمرار الاعتماد ( فقط ) على الحكومات في تنظيم وتدبير سائر شؤون حياة الناس في شتى المجالات والمناحي ، وذلك بالرغم من الدور الواجب عليها إلاّ أنه لا يمكن الاستمرار إلى مالانهاية في أنها تتحمّل كل شيء .
هذه النظرة ، نظرة أن الحكومة عندنا تكون مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة في حياة مواطنيها وكذلك المقيمين فيها ، ويجري الاعتماد عليها في كل شيء تقريباً ؛ ستتغير آجلاً أم لاحقاً لكن كلفة التغيير تكبر وتتضخم كلما جرى التأخير في ذلك ، وسيتحمّل فاتورتها الأجيال القادمة . ولذلك فإن الأولى من الآن أن يجري اعتماد سياسات وبرامج بديلة تعوّض هذه الاعتمادية والاتكالية في مجملها أو تخفف منها ، وذلك أفضل من أن نتفاجأ في يوم ما بأن ذلك قد أصبح أمراُ وواقعاً مفروضاً لم نكن مستعدين له . وللعلم فقد بدأت دول غنية قريبة منّا في التفكير – أو ربما شرعت – في فرض ضرائب على مداخيل الشركات والمؤسسات كخطوة أولى وضرورية لتخفيف أعباء تحمّل الحكومات كل شيء .
وعودة على بدء أتمنى أن تتكلل جهود الإخوة في وزارة العمل في إلحاق هؤلاء (124) جامعياً وغيرهم من الباحثين عن عمل في وظائف لائقة في القطاع الخاص ومناسبة لتخصصاتهم وتحقق مداخيل ورواتب تتلاءم مع الظروف المعيشية لهؤلاء الذين هم في مقتبل أعمارهم وبدايات تأسيس حياة أسرية لهم .