كلنا يعرف مقدار تمسك الآخرين بلغتهم الوطنية ، في أمريكا ومختلف دول أوروبا – على اختلاف لغاتهم – وفي أفريقيا وغيرها من دول العالم التي تحرص على أن تكون لغتهم في وطنهم هي لغة التعامل في شتى مناسباتهم وممارستهم ، لايحيدون عنها ولايفضلون عليها غيرها . ولا أعتقد أنه يمكن أن نتوقع أن تتجرأ أو أن يكون في مقدور أي مؤسسة ما في تلك الدول أن تخالف تعاملاتهم وخطاباتهم اللغة الأم فيها أو أن تقدّم عليها لغة أخرى كأن تنشر – مثلاً – إعلاناً هناك عن خدمة عامة تخص مرفقاً هاماً وحيوياً بغير اللغة الرسمية لتلك الدولة .
في نهاية الأسبوع الماضي تم عندنا نشر إعلان عن البدء في تسيير خطوط مواصلات جديدة في البحرين في إطار تطويرها وتجويد خدماتها ، وذلك اعتباراً من شهر أبريل القادم ، وكانت خارطة هذه الخطوط الجديدة المنشورة في الإعلان باللغة الانجليزية وليس باللغة العربية ! حتى مدن وقرى البحرين مكتوبة في الإعلان بغير لغتنا ، مثل ” Budaiya, Aljasra, Damistan , Karzakkan , Salmabad …. إلخ . قد يُقال أن هذا الإعلان يُقصد به مخاطبة الأجانب فنرد عليه : يا أخي الإعلان كان منشور في الصحف العربية !!
على العموم ؛ من المفترض أن لغات الشعوب محل صيانة واعتزاز وافتخار ، تعبّر عن هويتهم وثقافتهم ، وبها يتم مخاطبة مواطني هذه الدولة حول خدماتها ومرافقها ، ونحن المسؤولون عن رفعة شأنها وإبرازها وعدم إهانتها أو الرضا بأن تكون كما اللغة الثانية بينما هي لغتنا الأم ، ولغتنا الرئيس بنص الدستور والقانون ، ولاينبغي أن نتنازل أو نتهاون في ما تحرص الشعوب على بيانه وإعلائه من لغاتهم وهوياتهم .
سانحة :
قالوا : في الصمت سبع فوائد : عبادة من غير عناء ، وزينة من غير حلي ، وهيبـة من غير سـلطان ، وحصن من غير حائط ، واســتغناء عن الاعتــذار لأحــد ، وراحة للكرام الكاتبين ، وأخيراً ستر لعيوب الجاهلين . وقالوا : إن الحكمة عشرة أجزاء : تسعة منها الصمت ، والعاشرة قلة الكلام .