الفكرة الإيجابية التي طرحتها وزارة الإسكان ، وأسمتها بـ ( السكن الاجتماعي ) كبرنامج تدفع من خلاله القطاع الخاص لتحمّل جزءا من مسؤولياته الاجتماعية فيساهم في تخفيف وطأة المشكلة الإسكانية ؛ هي فكرة تستحق الدعم والتشجيع لأن الاعتماد فقط على أن الحكومة مسؤولة لوحدها عن حلحلة قوائم الانتظار التي طالت آمادها لأكثر من عقد أو عقدين من الزمان وربما أكثر ، وتجاوز أصحابها خانة الخمسين ألف ؛ قد لايؤدي هذا الاعتماد إلاّ إلى مزيد من التضخم في المشكلة خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية غير المواتية ، وبالتالي لابد من البحث عن بدائل وخيارات أخرى تعضد الدور الحكومي .
على أن القطاع الخاص حينما يدخل في هذا الملف الوطني من باب المسؤولية الاجتماعية ، فعليه ألاّ يدخل فيها كطرف متعطش للأرباح ، أو أن يلجها من ناحية الاستثمار البحت دون تقديم أية تنازلات في أرباحه تعظّم من إسهاماته وتجعلها ذات معنى وأثر أقرب للخدمات التي يجري تقديمها بسعر التكلفة تقريباً .
وفي هذا الصدد ؛ أو مناسبة ذلك هو ماجرى في الأسبوع الماضي من توقيع وزارة الإسكان لاتفاقية مع شركة ديار المحرق ستقوم بموجبها الوزارة بشراء (3100) وحدة سكنية من ديار المحرق بقيمة (276) مليون دينار بحريني ليتم طرحها ضمن برنامج تمويل السكن الاجتماعي حيث سيكون في مقدور أصحاب الطلبات الإسكانية المدرجة على قوائم الوزارة شراء تلك الوحدات بتمويل مالي من أحد البنوك ودعم من وزارة الإسكان .
غير أنه مما لفت الانتباه وذكره لي أحد القراء الكرام ؛ هو سعر تلك الوحدة السكنية ، حيث أنه بعملية حسابية بسيطة سيكون ناتج قسمة (276) مليون دينار على (3100) وحدة سكنية مبلغًاً كبيراً هو قيمة الوحدة السكنية الواحدة ، مما لايتصوّر معه أنه يدخل في إطار السكن الاجتماعي ! ولايمكن تصنيفه إلاّ في خانة البيع التجاري القاصم للظهور ، ويصعب أن نقول أنه سيستفيد منها أولئك البسطاء الذين قضوا سني أعمارهم في قوائم الانتظار . فنفقد تبعاً لذلك الأهداف المشروعة والجميلة لفكرة السكن الاجتماعي الذي نحسب أن تكون القدرة على شرائه متاحة لمجاميع كبيرة من أولئك الذين يندرجون في فئة محدودي ومتوسطي الدخل .
وعلى العموم فإن المشروعات العقارية الخاصة التي أقيمت على مناطق شاسعة من الدفان الذي كان المفترض أنها مساحات مدّخرة للأجيال ينبغي ألاّ يخضعها أصحابها وملاّكها ومستثمروها للبيع التجاري الذي يفضي إلى أرباح مهولة تزيد السوء سوءاً.