راصد

مبروك جائزة ” الإنجاز “

في شهر سبتمبر 2005م كتبت مقالاً في عمودي المتواضع حمِل عنوان ” فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهَمَل ” وهو شطر بيت من قصيدة شهيرة للعميد مؤيّد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد ، المعروف بالطغرائي ، نظمها في بغداد سنة 505هـ جاء فيها بيتان أضحا فيما بعد مضرباً للأمثال ومحلاً للاستشهاد بهما، وهما :

قد هيؤوك لأمر لو فطنت له           فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهَمَل

أعلل النفس بالآمـال أرقبـها            ماأضيق العيش لولا فسحة الأمل

مناسبة المقال آنذاك هي تهنئة أحد القيادات والكفاءات الوطنية ، وهو معالي الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة بمناسبة تعيينه وزيراً لشؤون مجلس الوزراء لكنني اليوم أعيد نشره هنا حيث استحضرته بعد قراءة خبر حصول معاليه على ” جائزة الإنجاز ” من جامعة سالفورد البريطانية تقديراً لمهنيته وتميزه باعتباره أحد خريجي هذه الجامعة العريقة التي تجاوز عدد خريجيها ( 150) ألف حتى الآن .

في مقالي المذكور ، كتبت فيه التالي ” إن من أسوأ المظاهر الإدارية وأكثرها فشلاً هو أنه حينما يتقلد أحدهم منصباً إدارياً أو قيادياً ؛ تراه يفرح بمنصبه فرحاً عظيماً ويظن أن ذلك منتهى آماله وطموحاته ، ثم يتحول بواسطة هذا المنصب من موظف نشط ومبدع وشغِف بالإنجاز إلى إنسان آخر ، فيجمد طاقاته ويهمل خبراته ويفقد مهاراته ويقصر عمله على نوع من الهالات والسياجات. وبالتالي لا يكون له من عمل أو إنجاز واضح يُشار إليه بالبنان ، ولايضع يديه مع مرؤوسيه في مهامهم ولايشاركهم في تكليفاتهم ، ولايكلف نفسه عناء حتى معرفة كيفية تأديتها ، ولو من باب العلم بالشيء أو الثقافة به ، ولاتقوى أنامله على صياغة سوى مجموعات الأوامر والنواهي.

تشرفت بالعمل في إحدى لجان الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني في شهر فبراير2001م ، كان عملي بسيطاً ، وكنّا حوالي أربعة أشخاص ، نستقبل المواطنين فنفحص جوازاتهم ونطابقها ، ثم نسجلها ونختمها ، وفي فترة من فترات العمل آنذاك زاد عدد المواطنين وامتـــدت طوابيرهم ، كنا نبذل قصارى جهدنا على تسريعهم وتلافي تأخيرهم ، الجهد والتعب وكذلك الحرج كان شعورنا ، وبينما كنّا كذلك جلس بجانبي شخص مرتدياً بشته وصار يقوم بنفس عملنا ( استقبال المواطنين ومطابقة جوازاتهم وتسجيلها وختمها ) كان هذا الشخص هو الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة الذي هو (مايسترو) لجان الاستفتاء والمسؤول عنها آنذاك ، وهو الذي نبارك له الآن الثقة الملكية الغالية بتعيينه وزيراً لشؤون مجلس الوزراء .

يتصور بعض المسؤولين أن مشاركته للعاملين في أعمالهم تقلل من شأنه أو تنزل من مستواه ، غير أن العكس هو الصحيح ، فالروح الجماعية المتفتحة ترفع من شأن المسؤول وتعطيه قوة فوق قوته وتضفي عليه احتراماً وتقديراً قد لا يحصل عليه إلا بهذا الأسلوب ، كما تُعد من أبرز عوامل نجاحه في القيادة وتأثيره على الأفراد والأعمال.

إن المسؤولين في مواقعهم ماهم إلا قدوات لغيرهم وأدوات تحفيز لما دونهم ، لهم أعمال واضحات ينجزونها ومهام مشهودة ينفذونها ، المنصب بالنسبة لهم تكليف تتضاءل دونه سائر التشريفات ، والسلطة مسؤولية يتحملونها ، ووظائف مرؤوسيهم يعرفون تأديتها ويجيدون ممارستها ويتقنون تقويمها وتطويرها .

والمسؤولون في مواقعهم قدرات نابضة بالحيوية والعطاء ، ينكرون ذاتهم ، ويتواضعون في أدائهم ، ويمارسون – عند الحاجة وفي الملمات – أعمال غيرهم ، وينزلون- إذا اقتضى الأمر – لمستويات من هم دونهم ” .

وبالتالي ليس غريباً أن يحصل مثل معالي الشيخ أحمد على جائزة التميز والإنجاز من هذه الجامعة ( سالفورد ) الحاصلة على أعلى تصنيف لنوعية التعليم بين مثيلاتها .. ألف مبروك .

سانحة :

يبدو أن تصريح الرئيس الأمريكي أوباما عن أن التهديدات التي تواجهها دول الخليج نابعة عن سخط من سياسات داخلية هو مؤشر عن بدء ( اسطوانة ) جديدة سيجري استخدامها في مستقبل الأيام لإبعاد خطر التهديدات الحقيقية القادمة من إيران بعد الاتفاق النووي.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s