راصد

التسمية المهذّبة لشيء آخر

لايكاد يمر يوم من أيام الأسبوع إلا وتقرأ في سائر صحفنا المحلية خبرا أو اثنين أو أكثر عن قضايا وحوادث الاتجار البشر ، وهي تسمية مختصرة ومهذبة تدخل فيها ممارسات تتعلق بالرذيلة والدعارة و(القواده) أعزكم الله . وهذه الحالة اليومية جعلت من الموضوع أمراً عادياً وشبه مألوف في دنيا الناس بعدما كان في سالف الزمان من الكبائر والغرائب علينا ، رغم أن أخطارها لاتقل في أثرها وجرمها عن قضايا تُجيش لها بيانات وأقلام وحملات تستنكرها وتحذر منها .

يُكتفى في قضايا الاتجار بالبشر بنشر تفاصيل عامة ، بلا بيانات واضحة تفضح المكان وتعرّي الأشخاص مع أن حوادث أخرى يقوم الإعلام بنشر حتى صور المتورطين فيها ، والحاجة إلى كشف (قذارات) المجتمع والمتاجرين بالأعراض والعاملين في سوق النخاسة ؛ الحاجة أكبر ، ولايصلح أن يبقى التعامل معهم على هذا النحو اليومي بشكل اعتيادي ، لايردع ، ولايوقف هذا الهدر القيمي في سمعة وطننا العزيز .

وحتى نتعرف على مقدار هذا الجرم الذي يحصل علينا – على سبيل المثال وليس الحصر – أن نقرأ الخبر المنشور يوم الجمعة الماضي المتضمن إرجاء المحكمة النظر في قضية خمسة متهمين بالاتجار بالبشر حيث يقول الخبر أن الخمسة أحدهم بحريني والآخرين من جنسيات عربية مختلفة ، يقومون بجلب فتيات من جنسيات مختلفة بهدف العمل في البحرين ، لكن بعد وصولهن يتم احتجازهن بالإكراه في عدد من الشقق الفندقية ، ويقومون بإجبارهن على ممارسة الدعارة ويتحصلون منهن على ريع مايكتسبنه من هذه الأعمال المحرمة . التحريات الأمنية دلت على قيام هؤلاء المتهمين بإيداع مبالغ مالية كبيرة بلغت حوالي الأربع مائة ألف دينار! بالإضافة إلى امتلاكهم عدد من السيارات والقوارب الفارهة والمرتفعة الثمن ! وتم القبض على سبع فتيات منهن أربع من إحدى الدول العربية وثلاث أجنبيات ، ولكم أن تتصوروا كيف يتم إدارة شبكات الدعارة – تسميتها المهذبة ( الاتجار بالبشر ) – وحجم الدخل الناتج عنها لتتعرفوا على حجم الخراب الموجود الذي ينخر في مداميك المجتمع مما ليس له علاقة بالسياحة ،مثلما لايشكل أي دخل مالي للدولة لأنه يذهب لأجل أباطرة وعصابات فضلا عن أن الوطن لايحتاج لأموال منزوعة البركة تحصلت من البغاء والمومسات .

والواقع أن المواطن (يتمرمط ) للحصول على تأشيرة جلب خادمة أو عامل أجنبي لسجل تجاري بسيط قد يكون في حجم – مثلاً – بقالة أو بوتيك ، بينما يكون الاستغراب سيد الموقف إزاء حالات استقدام ماترونه وتسمعون عنه – المنشور وغير المنشور – بصورة تُشعرنا بأن القانون علي وعليك فقط بينما بلاط الاتجار بالبشر ( التسمية المهذبة لشيء آخر ) لايخضع للاشتراطات والمعايير التي تُطبق علينا . وهذا البلاط قد تجذر واستعصى القضاء أو المساس به ، وماالحوادث المنشورة شبه يومياًعن القبض على شبكة هنا أو عصابة هناك ؛ ماهي إلا مجرد واجهة ضمن العديد من الواجهات والصور تنخر في أخلاقيات وسمعة البلد وتيسّر الرذيلة بأبخس الأثمان لصالح آخرين تجمع الأموال وتكدس الثروات . يصعب تصديق أن هؤلاء الخمسة ، أحدهم بحريني والباقون عرب ، وأن هؤلاء السبعة ، أربع عربيّات وثلاث أجنبيات ، قد التقوا صدفة ، وتوزعوا على شقق فندقية أيضاً صدفة ، وتحصلوا بكل سهولة ويسر على مايقارب (٤٠٠) ألف دينار وسيارات وقوارب فارهة ، من دون أن يكون هنالك عمل منظم يعمل خارج القانون ، ولاسطوة عليه ، ولا خوف منه . وقديماً قال شاعرهم :

 لاتَقطَعن ذَنَب الأفعى وتُرسِلها                إنْ كنت شَهماً فأَتبِع رأسَها الذَنَبا

سانحة :

رحم الله الأخ العزيز خالد سالم بوحمود ، فقد انتقل إلى بارئه صابراً محتسباً راضياً بقضائه سبحانه وتعالى . عرِفه الناس ضاحكاً مستبشراً في حياته وفي مرضه وعند موته . ما أجمل أن يموت الإنسان فيكون ميراثه كل هذا الذكر الطيب عند الناس .. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه وأهل مسجده الصبر والسلوان .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s