إن مسألة غياب المصارحة وتراجع الشفافية أثناء – بالذات الأزمات – ينشأ عنها أجواء تترك العنان للشائعات والأكاذيب والتلفيقات وصناعة أحداث وأخبار وتوقعات تجعل الحيرة والاستغراب ومعها الترقب عنواناً بارزاً في حياة الناس ، ويزداد هذا السوء إن تعلّق الأمر بأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية . حيث لايخفى على أحد حجم حالة ( الحيص بيص ) التي صارت تنتاب مناحي عديدة في واقعنا الحالي نتيجة كثرة الكلام عن الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انهيار أسعار النفط وماقد يترتب عليها من آثار عكسية تحدّ من الآمال والتطلعات حول تحسينها وزيادة رواتبهم وماشابه ذلك من أماني لاتفتأ تغادرهم . ويزيد من ذلك الخوف تأخر إقرار الميزانية العامة للدولة حتى الآن رغم فوات أربعة أشهر من بداية السنة المالية الجديدة .
ويضاعف أيضاً هذه الحالة من القلق والترقب عند عموم الناس ( الحيص بيص ) هو عدم خروج أي مسؤول يوضح على وجه الدقة الحالة الاقتصادية التي نحن فيها ويحدد التوجهات الحكومية إزاءها ، يوضحها ويحددها بمنتهى الصدق والصراحة والمكاشفة بدلاً من أن يُترك الموضوع خلال الأيام أو الأسابيع الماضية لنوعين من التصريحات الصحفية : أولهما : تصريحات منسوبة لمصادر معروفة هوياتهم ومناصبهم وأسمائهم ، تؤكد حماية المواطنين وعدم المساس بمكتسباتهم وماشابهها من تطمينات سرعان ما يبدّدها النوع الثاني من التصريحات أو التسريبات المنسوبة لمصادر (مجهولة ) يعتقد كثيرون أنها هي ما سوف يُطبق على الأرض ، وأنها هي التي ستمسّ صميم حياة الناس ، وربما هي أكثر صدقاً فيما يتعلق بالتغييرات في الأمور المعيشية من النوع الأول من التصريحات المطمئنة التي مع استمرارها على هذا النحو سيعرف الناس أنها مجرّد مادّة للاستهلاك الإعلامي ، وأن تصريحات النوع الثاني وتسريباته هي المعتمدة ، وهي التي سيمضي الأخذ والعمل بها .
ولذلك نأمل أن نقرأ اليوم أو غداً في صحافتنا المحلية تصريحاً من مصدر مسؤول (معلوم ) يؤكد أو ينفي الأخبار التي انتشرت يوم أمس وأثارت مزيداً من القلق حول رفع سعر الوقود إذ يجب أن تكون مواقف الدولة وسياستها من الوضوح والشفافية بحيث لا تبرر وبأي مقاييس أن تنسب أجهزة الإعلام أخبارها إلى مصادر مجهولة وغير محددة لاسيما في موضوعات بالغة الحيوية تأثر على صميم معايش المواطنين .