راصد

في تدشين كتاب جمعية الإصلاح

هو جهد المقلّ ؛ جهد المقلّ جداَ ، هو تشرّفي ومشاركتي المتواضعة في إعداد وتوثيق الكتاب الرائع ” جمعية الإصلاح .. صفحات من تاريخ المؤسسة الإسلامية الرائدة في البحرين في الفترة من 1941إلى 1980م ” الذي تم تدشينه في حفل راقٍ وبهيج مساء الثلاثاء الماضي بحضور كثيف من أعضائها ومن رجالات البحرين عموماً والمحرق بالذات ، يتقدمهم الوالد الفاضل سعادة الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة رئيس الجمعية ، أطال الله في عمره وأمدّه بالصحة والعافية حيث ألقى كلمة ضافية استقبلها الحضور بكل الفخر والاعتزاز ، وكانت مؤثرة ، مؤثرة إلى درجة خفقان القلوب خاصة حينما ذكر سعادته أن الحديث عن تاريخ جمعية الإصلاح هو حديث عن جزء كبير وعزيز وغالٍ من حياتي ، إنه حديث النفس عن النفس . وذكر أيضاً في مقدمة الكتاب ” لقد علمتنا الحياة فيما علّمتنا أن عمر الإنسان لايُقاس بالأيام والسنين من يوم أن أبْصر الحياة إذ لايُحتسب من حياته إلاّ ما عاشه الواحد منّا لمجتمعه وأمته  ، لا ماعاشه لخاصة نفسه ، فحياتنا أشبه ما تكون بتلك الشاة التي تصدّق بها أهل بيت النبوّة ، ولم يبقوا منها إلا كتْفها ، فأنبأهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن حقيقتها ، فقال ” بل كلها بقيت إلاّ كتْفها ” .

حاولت – على مدار اليومين الماضيين – أن أمسك بخيط أكتب به فكرة عمودي عن هذه المناسبة العزيزة فلم أستطع حيث جالت ذكريات تشرّفي بعضوية هذه الجمعية الأثيرة في ذهني يميناً وشمالاً ، ذكريات جميلة وغالية ، شكّل الكثير منها مفاصل هامة في حياتي وفكري لايمكنني أن أستحضرها إلاّمقرونة بحمد الله وشكره سبحانه وتعالى أن تفضّل علي بصحبة هؤلاء المخلصين الأبرار لدينهم ووطنهم . تعلّمت منهم حب الخير وخدمة الناس ، صغْت بفضل الله ثم فضلهم حياتي على الجدّ والاجتهاد والاستقامة ، وعلى البذل والولاء والعطاء لوطني وأهلي ومجتمعي بلامقابل إلاّ طمعاً في مرضاة الله تعالى .

 احترت في الواقع ؛ هل أكتب عن دراستي في مراكز تحفيظ القرآن الكريم ، بالذات في مركز مدرسة أبي عبيدة بن الجراح بالمحرق في السبعينيات ، الذي هو أول مركز تحفيظ على مستوى البحرين أم أكتب عن حلقات الذكر والعلم التي كانت تقيمها الجمعية في عدد من مساجد المحرق أم عملي في لجان الجمعية ، منها الإعلامية وأهمها لجنة الأعمال الخيرية وما كانت تمنحنا من مقدار فرح وسرور لامثيل له عندما نساعد المحتاجين والمعوزين ، وأستذكر هنا على الأخص تنفيذنا لمشروع الأضاحي إذ كنّا – مع كثيرين من أعضاء ومحبي الجمعية – نفوّت على أنفسنا فرحة وإجازة العيد ، فنقضيه بين ذبح الأضاحي وتقطيع لحومها وتقسيمها في أكياس ثم نقوم بوضعها في سياراتنا الخاصة ومن ثم توزيعها على بيوت مستحقيها من الفقراء والمحتاجين ، نبدأ من بعد صلاة الفجر ولاننتهي إلاّ قرب صلاة العصر ، ثلاثة أيام العيد كلها ، تطبيقاً للوقت الشرعي المحدد لتوزيع الأضاحي ، كنّا لانلبس الملابس الجديدة وإنما ملابس أخرى مثل ( تركسوت ) أو بنطلون و( تي شيرت ) أو ما شابهه ، وكلنا كانت الابتسامة تعلو محيّانا ، فرحاُ وفخراً بهذه التضحية في الوقت والجهد .

طيف هذه العقود من سني حياتي يطول ويطول لا أستطيع أن أمسك بخيط واحد منها فضلاً عن أن أوفيها حقها ، حق جمعية الإصلاح التي باتت محاضنها الآن من حيث السعة والإقبال عليها – خاصة النشء والشباب – أنها صارت محل جذب واستقطاب كبير يحرص أولياء الأمور على إلحاق أبنائهم بها . بل إني أتذكر وأعرف أنه حتى بعض من يعادي جمعية الإصلاح وينصّب نفسه منتقداً ومتهماً لها – ربما – إلى حدّ السباب والشتائم ، بل ومحرضاً عليها ؛ إن أراد أن يدفع زكاته أو يتصدّق  من خالص أمواله أو أن يكفل يتيماً أو ماشابه ذلك من أعمال البر والخير فإنه لايستأمن غيرهم على تبرعات أمواله . وقد صادفت ذات مرّة أحد هؤلاء وسألته عن سرّ أنه يدفع بفلذات أكباده للالتحاق بمحاضن ومراكز الجمعية فلم يجد أفضل من لحظة صدق مع نفسه من أن يقول : أريدهم أن يكونوا أفضل منّي !!

أخيراً وليس آخراً ؛ كانت لفتة حضارية ، وفي محلها ، أن يجري في هذا الحفل تكريم الرواد الأوائل ، ممن تجاوزت أعمارهم الستون عاماً ، الأحياء منهم والأموات ، عرفاناً بالفضل والجميل .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s