هي طريقة أصبحت بمثابة منهج يعبر في الحقيقة عن نوع كسل وجمود ، ورغبة في ملء الفراغ ، وسعي إلى الكسب السريع ، سواء كان هذا الكسب ماديا أو معنويا . ولو التفتنا من حولنا فسنجد أن هذا النهج قد توغل كثيرا في مجتمعنا ، كأفراد وجماعات ومؤسسات ، وصارت له الغلبة في كثرة من الممارسات التي تطبّعت بالبساطة والسطحية ، وغاب عنها الإبداع والإتقان .
فهذا الطالب الذي يبحث عن الاختصارات والموضوعات الملغية والبحوث الجاهزة ، ويجهد نفسه في البحث عن مدرس خصوصي يلقنه مااستعصى عليه من الدروس ، ويتمنى مدرسا قادراً على أن ( يفتح رأسه ليدخل المعلومات ثم يغلقه عليها) وبالطبع لاتسأل هؤلاء الطلاب عن تعلم ذاتي ومهارات بحث واطلاع وهوايات قراءة و…. إلى آخره من مفردات لم يعُد لها وجود في حياة غالب طلبتنا مثلما هي غرائب ليست مقبولة في واقع عموم الموظفين الذين ما أن يبدأ الأسبوع حتى يترقبون نهايته على أحرّ من الجمر ، في دورة زمانية رتيبة لايكاد يكسر رتابتها أي جديد .
والتاجر ورجل الأعمال الذي صار لايختار لاستثمار أمواله إلا الطريقة الأقصر لتحقيق الأرباح ، فتجد أن منتهى مخاطرتهم لاتخرج عن إطار الاستثمار العقاري ، وبالتالي قلّت في مجتمعاتنا مصانع معدات وأدوية وأغذية ومثلها من منتجات ومقومات باتت اليوم هي عماد اقتصاديات الدول ودليل نماءها وتطورها ، ورضينا بأن يكون الاستيراد هو عصب حياتنا ، ويمكنكم أن تقيسوا على ذلك ( سالفة ) السياحة حيث أنها قائمة الآن على ماترون وتسمعون من أنشطة لاتذكر إلا مصحوبة بعبارة ( أعزكم الله ) من دون أن يفكر أحد في تبني طريقا غير الأسهل والأقصر لبناء سياحة حقيقية في البلد رغم وجود بعض مقوّمات لها تحتاج إلى ( طول نفَس ) وجهد وإخلاص وفق منهج ليس بينه الطريق الأقصر للربح .
هذه الطريقة ؛ هي أيضا ممارسة تقوم بها وزارات الدولة ومؤسساتها خاصة حينما تعتمد على ردود أفعال أو تتبنى فزعات غير قائمة على استراتيجيات وخطط (متعوب) عليها نستطيع أن نقول عنها أنها سلكت غير الطريق المعتادين عليه .
وهنا ؛ في بعض أحيان – وهي قليلة جدا- أشاهد قناتنا الفضائية فأكتشف أنها لازالت كما هي ، تتبع الطريق الأسهل والأقصر ، بضع أخبار على الطريقة القديمة ذاتها ، وبضع أغاني لاتختلف عن عبق الأخبار تلك ، وبضع برامج مباشرة إياها إياها لم يطرأعليها أي تغيير ، ثم بضع مسلسلات مستوردة ومسلسلات محلية تم صياغة سيناريوهاتها لمشكلات مكرورة من غير فكرة رائعة ، وناقصة من أية أهداف يُفترض أن ( الميديا ) تعمل على بثها وزرعها في جمهورها . ولأن وضع هذه القناة الفضائية كما هو ، ونهجها هو ذات الطريق الأسهل المنتشر كمنهج حياة وممارسة ؛ فلا عجب ، وليس من مبرر يستلزم امتعاض جمهور مشاهديه من أن يكون بعض أبطال مسلسلاته ( وحزاويه) مثلما تم الإعلان عن بعضهم في الأيام القليلة الماضية ، لأنه لايمكن في ظل الركون إلى الطريق الأسهل والأقصر أن يؤتى بغيرهم . فهذا الطريق يمكن أن يسلك فيه كل من هبّ ودب ، لايحتاج إلى مهارات وقدرات سوى القدرة على الفكاهة و( المسخرة ) مع أن الفنون – بما فيها التمثيل – في عصرنا الحاضر أصبحت علماً قائماً بذاتها ، وتخصصا له خريجين في البكالوريوس والماجستير والدكتوراه لكننا لاتستهوينا تلك التطورات بقدر ما يجذبنا الطريق الأقل كلفة ، الطريق الأسهل والأقصر ..