نافذة الجمعة

لكل ساقط لاقط

وهو في أصله حكمة مأخوذة من أقوال أكثم بن صيفي الأسيدي ، الملقّب بحكيم العرب إذ يقول : ” لكل ساقطة من القول لاقطة ينمّها وينميها ” وبحسب معاجم اللغة العربية فإنه يعني أنه ” لكل قطعة ساقطة على الأرض يد تلتقطها ” . لكن هذه الحكمة مضَت فيما بعد مثلاً من أمثال الشعوب تُضرب على الأخصّ في شأن السفهاء والحمقى والصفقاء والمهازيل وما شابههم في دنيا الناس ، حيث تدعم هذه الفئات بعضها البعض وتعمل على تلميعها والدفاع عنها . وقد جاء في مجمع الأمثال للنيسابوري قول ثعلب : لكل قذر فدر ( الفدر – بفتح الفاء وكسر الدال المهملة – معناه الأحمق ).

وأي مراقب أو متابع لمواقع الانترنت أو الفضاء الواسع للعالم الافتراضي في شبكات التواصل الاجتماعي لن يجد أي صعوبة في الخروج بنتيجة أن ( لكل ساقط لاقط ) خاصة حينما يكون الانتقاد أو كشف الأخطاء أو الفساد أو ماشابه ذلك موجهاً لإحدى تلك الفئات ، فئات السفهاء والحمقى والصفقاء والمهازيل وما شابههم.

ولم يقف الأمر عندنا في حدّ معين ، بل تحوّل هذا المثل الشعبي إلى مايشبه المهنة أو ( الحرفة ) التي يجري التكسّب من خلالها ، وتطوّرت وأصبحت لها شبكات وشخصيات وحسابات مهمتها الأساسية التقاط الساقطين !! والاصطفاف معهم وحفظ ماء وجههم وافتعال معارك مع منتقدي الساقطين ومناوئيهم ، معارك تغيب عنها الأخلاق وينقصها الشرف ، وسلاحها القذف والسب والشتم والتشويه والفبركة والتدليس وما إلى ذلك من أساليب هذه السوق القذرة التي صارت تُدفع لها أثمان وأثمان لتحسين صور وجوه فاشلة أو عكِرة أو التغطية عن عجز أو صرف الانتباه أو تجميل قبيح أو … إلى آخره من حركات وحملات تراكمت خبرة عموم الناس عنها ، وصارت بسبب هذه الخبرة والمتابعة أكثر وعياً ومعرفة وقدرة على أن تميّز (الساقطين ) من خلال نوعية من يلتقطونهم ، لاسيما إن كان هؤلاء ( اللاقطون ) من التافهين والشواذ وأراذل الناس و( … ) .

سانحة :

انتشرت في الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من البلدان الأوروبية في الآونة الأخيرة لوحات تحذيرية مكتوب فيها : “stop making stupid people famous  ” ومعناها : ” توقّف عن جعل الناس الأغبياء مشهورين” وعلى مايبدو فإننا بحاجة إلى نشر هذه اللوحة وتفعيلها في مجتمعاتنا بالنظر إلى تزايد ( الرويبضة ) الذين عرّفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف المشهور : ” سيأتي على الناس سنوات خدّاعات يُصدّق فيها الكاذب ويُكذّب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويُخوّن فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة . قيل : وما الرويبضة ؟ قال عليه الصلاة والسلام : ” الرجل التافه يتكلّم في أمر العامة  ” .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s