هو من أبناء البحرين الذين يُشار إليهم بالبنان ، ممن لهم هامات شامخة ، عملوا بكلّ جدّ وإتقان في التأريخ والتوثيق لوطنهم . إخلاصهم جعلهم يستظلون بالتواضع والصمت ، لم ينشد لنفسه مكانة ورفعة ، ولم يقصد الأضواء والشهرة ، فكان عطائه كما المخلصين دائماً – رحمه الله – واسعاً وغزيراً.
وكلما تذكره أحد قفز إلى ذهنه مجاله الذي تفرّد أو تميّز به ، ووضعوا أيديهم على قلوبهم لأن مجاله قد عزّ فيه العطاء ، وأبدوا تخوّفهم من أدعياء ومخرّبين صاروا يخوضون في تاريخ البحرين وعموم المنطقة لأهداف وغايات قد تمسّ هويته وتحرف انتماءه بصورة تستدعي – مثلما قلنا سابقاً – تحرّكاً جادا ومخلصاً لتوثيق التاريخ وإثبات الهوية ، صوناً وحماية لها في زمن باتت الحروب تستهدف الأصل والانتماء . ومن يحسب للمستقبل ، ويستشرف آفاقه لابد أن يضع يده على قلبه من الخوف لأن كل المعطيات والمخاطر الماثلة تستدعي أن يكون المجال الذي برع فيه الراحل مبارك الخاطر رحمه الله في مقدمة الاهتمامات والأجندات .
لا أدري ، ولا أملك معلومة مؤكدة حول مدى حفظ الجهات والمؤسسات المختصة في الدولة لآثار وكتب ومقدمات أستاذنا الراحل بوراشد ، وهل أعادت طباعتها أم أنها في طي الضياع والنسيان ؟! وهي كتب قيمة وثّقت لفترات هامة من تاريخ البحرين والخليج العربي نال مؤلفها ، مبارك الخاطر بسببها وسام المؤرخ العربي من اتحاد المؤرخين العرب عام 1987م .
إن أي استعراض لعناوين مؤلفاته رحمه الله سيكشف حجم عطائه مثلما سيثبت مقدار إسهامه في حفظ التراث والشخصيات في تاريخ البحرين الحديث ، ومن كتبه : “نابغة البحرين عبدالله الزايد” – 1972.” القاضي الرئيس قاسم بن مهزع” – 1975. “الكتابات الأولى الحديثة لمثقفي البحرين” – 1978. “الأديب ناصر الخيري” – 1982. “ابن مانع بين الخليج والجزيرة العربية” . “شعراء النهضة الحديثة في الخليج” . ” العلاقة الثقافية بين السعودية والبحرين خلال قرنين” . ” دخول البحرين في الإسلام. «ديوان عبدالله الزائد» – 1996. “المؤسسات الثقافية الأولى في البحرين” – 1997.” رجل ومولد قرن – مبارك سيف الناخي (المراسلات)” . “مضبطة المشروع الأول للتعليم الحديث في البحرين” – 2000 . “بواكير العلاقة الثقافية والتعليمية بين بلاد الشام والخليج العربي”- 1900 – 1950. “مقدمة في تاريخ التعليم في البحرين”. “مقدمة في تاريخ البلديات في البحرين” – 1918 – 1984. “مقدمة في تاريخ الصحة في البحرين” – 1894 – 1984. ” مفهوم العمل لدى سمو الشيخ زايد”. وله كتاب من عدة أجزاء عن حركة الثقافة في الخليج في المنتصف الأول للقرن العشرين. وغيرها من الكتب والدواوين الشعرية التي باتت مكتسباً تاريخياً وفكرياً ثريّاً يُرجع إليه عند الحديث عن الماضي ويُستدل به للرد على المشككين والطاعنين في الهوية والانتماء .
أخبرني أحد القراء الأعزاء أنه في خلال الأيام القليلة الماضية ، وفي أحد المجالس المحرقية العريقة جاء ذكر الراحل مبارك الخاطر ، ابن المحرق وأحد مفاخرها ورجالاتها ، تكلموا في مآثره ، وأسهبوا الحديث في طيب معدنه وأصله ، ودماثة أخلاقه ، وحبه وحرصه على وطنه حتى أبدع هذا الكمّ القيّم من الإنتاج التاريخي والفكري . واقترح بعضهم على محافظة المحرق أو مجلسها البلدي أن يبادر بتسمية أحد شوارع المحرق باسمه رحمه الله ، عرفاناً وتقديراً لدوره وخدماته وعطائه ، وبياناً أن المحرق والبحرين عموما لاتنسى رجالاتها الأفذاذ من أمثال أبي راشد ، مبارك الخاطر .
سانحة :
هل لدى الدولة مشروع للتأريخ والتوثيق يكون امتداداً للجهود الذاتية التي بذلها مبارك الخاطر وعدد قليل من المهتمين بهذا المجال الحيوي الذي تتزايد الحاجة إلى تكريس الجهود والإمكانيات لأجله .