“إما أن تتخذوا القرارات الصعبة لمواجهة العجز أو أننا سنصل في يوم من الأيام بأن تقول لنا البنوك هذه لائحة شروط وقرارات اتخذوها لتقوم بإقراضنا ” هذا هو خلاصة ما أعلنه معالي الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة وزير المالية في جلسة مجلس النواب الأخيرة ونشرته صحافتنا المحلية . وأكد معاليه أن الموازنة العامة للدولة لعامي 2015- 2016 بصيغتها الحالية سيؤدي إلى تجاوز الدين العام 9 مليارات دينار.
إذا لم تخنّ متابعتي المتواضعة فإن هذا الكلام هو أخطر ماقيل حتى الآن بشأن الوضع الاقتصادي المتأزم ، ويكتسب خطورته أوّلاً من أنه صادر عن وزير المالية وثانياً تزامنه مع تأخر إصدار ميزانية الدولة عن موعدها لحوالي ستة أشهر حتى الآن . وثالثاً تضمنه على ما يمكن أن تقوم به البنوك والمؤسسات المقرضة في المستقبل من فرض إجراءات ملزمة كشرط للموافقة على الإقراض . على أن رابع أسباب خطورته – وربما هو الأهم – هو غياب الشفافية والمصارحة عن الأسباب التي أدّت إلى الوصول إلى هذه النقطة التي قد تكون غير مسبوقة عن الوضع الاقتصادي للبلاد ، وليس من المتصوّر أن انخفاض أسعار النفط هو السبب الوحيد لأن هذه الإجراءات والقرارات الصعبة التي يجري الكلام عنها لم نسمع عنها في دول الجوار التي أيضاً تضررت من انخفاض أسعار البترول ، وهي بالرغم من تأثرها إلاّ أن أمور الدعم وزيادة الأجور تسير بصورة لاتنبيء أصلاً بوجود أزمة لديهم .
غياب المصارحة والشفافية زاد من حدّته التجاذب الحاصل بين وزارة المالية وبعض السادة النواب ، ومنهم النائب أحمد قراطة الذي أعلن أكثر من مرّة أن أرقام العجز وهمية ، وغير حقيقية وبناء على هذا التجاذب تم رفض مرسوم زيادة الدين العام في المرّة الأولى قبل أن يعود للنواب مجدداً .
وبعيداً عن تفاصيل كل ذلك ، يبقى المواطن هو الضحية الذي كان يتطلع لتحسين سويّة معيشته وكان يتأمل زيادة مكاسبه ومنها راتبه . ثم قيل له : لاتطلب الزيادة لكن اطمئن سوف نحافظ على ماهو موجود من مكتسباتك ! لكنه يسمع ويقرأ الآن هذه الدعوات لاتخاذ ( القرارات الصعبة ) صار يتساءل وترتعد فرائصه : ماذا بقي من القرارات الصعبة ؟! وماذا تخبيء لنا الأيام الجميلة التي ننتظرها ؟!
سانحة :
مواطن بحريني فقير إلى حدّ ( … ) أصيب بالمرض الخبيث ، السرطان في معدته منذ حوالي شهرين ، ثم بدأ يمتد إلى أجزاء أخرى في جسمه ، وهو يرقد الآن في مستشفى السلمانية بين الحياة والموت ، طرق أهله كل الأبواب لعلاجه في الخارج دون جدوى ، أبواب المسؤولين في وزارة الصحة كانت مغلقة أمامهم . مناشدة أهله وأبنائه الصغار تقطّع القلب من فرط حزنهم على والدهم وحاجتهم لعلاجه في الخارج .. أتمنى في هذا الشهر الكريم أن يساعدهم أهل الخير والإحسان لتجاوز محنتهم والمساهمة في علاج والدهم .