قبل حوالي ثلاث سنوات – أقل أو أكثر – ألغيت اشتراكاتي في جميع الصحف وأبقيت واحدة فقط على اعتبار – أولاً- ترشيد النفقات ، ثم لاعتبارات أو قناعات أن غالب موادها إما مكررة أو ( مملّة ) أو معروفة لم تترك لها وسائل ( الميديا ) فرصة تحقيق سبق معين ، ولكون صفحات كثيرة منها إنما هي أخبار رسمية من مثل ( استقبل أو صرّح أو افتتح أو زار أو اقترح أو طالب أو ماشابه ) ومعها صور تحشو بياض الصحف مما لم تعد تشكل شيئاً يُذكر أو تثير شهية أو حماس أحد لقرائتها والنظر إليها سوى أصحابها ، خاصة ممن يحرصون ويحبون رؤية أنفسهم كل يوم على هذه الصفحات من المهووسين بـ ( الشو ) . فضلاً عن أن من أراد أن يقرأ الصحف ، كلها أو بعضها أو يرجع لشيء منها فإنها متوافرة على الشبكة العنكبوتية وقتما وكيفما شاء . وأما الأعمدة والكتابات الصحفية فقد اقتصرت على متابعة مابين أربعة إلى خمسة منها أحرص في غالب الأحيان على قراءتها لما تحتويه من مضامين وأفكار ناهيك عن صياغتها بلغة رصينة استمتع بها وأتعلّم منها.
ومع بداية هذا العام ، أي قبل حوالي ستة أشهر من الآن خفضت كثيراً متابعتي للصحف ، واقتصرت بالفعل على جريدة واحدة فقط ، أركز فيها على صفحات الاقتصاد والقضايا والحوادث ، أما تلك الأخبار ، أخبار ( استقبل أو صرّح أو افتتح أو زار أو اقترح أو طالب أو ماشابه ) فقد أهملتها من المتابعة مثلما أن المزاج العام للوعي الجمعي لم يعد يطلع عليها أو يهتم بها ولها. وهي ظاهرة تستحق من أصحاب الصحف أن يعيدوا النظر في كيفية عرضها أو اختصارها وعدم حشو صفحات جرائدهم بها ، وضرورة الانتقاء أو على الأقل الاختصار حتى لايستمر هذا السوء أكثر ويزداد معه الإعراض والهروب من قراءة الصحف . والأمر ذاته لنشرات الأخبار التليفزيونية التي لم يعد مستساغاً أن تبقى على ذات حالها من تلك الأخبار الرسمية حتى الآن في ظل الطفرة الكبيرة للتناول الكمي والنوعي للأخبار والأحداث في مختلف الفضائيات بالعالم .
وفي واقع الأمر ؛ فإن وسائل التواصل الاجتماعي ، وبالذات ( الواتسب ) قد أغنتني – مثلما أغنت غيري – في معلوماتها وأخبارها ، وما من شيء مهم يفوتني قراءته من تلك الصحف إلاّ وجدته في قروبات ( الواتسب ) التي هي بالعشرات مما لا أستطيع التفاعل والرد إلاّ مع عدد قليل منها ، وأرجو أن يعذرني بقية ( القروبات ) على عدم تمكنني التفاعل معها ، خاصة تلك التي قامت بضمّي إليها دونما إخطار أو استئذان ، مع تقديري الكبير لهم .
على أنني قررت أيضاً منذ بداية هذا العام أن أتوقف خلال الإجازة الأسبوعية عن القراءة والمتابعة – قدْر الإمكان – حتى استكمل معنى الإجازة وأتفرّغ للاستفادة منها مع أهلي وأبنائي و… إلخ . تجربتي هذه أدعو غيري الاحتذاء بها ، فهي – ربما – مدعاة للصفاء والراحة الذهنية مع أني أتوقع أن أمثالي في هذه التجربة كثيرين ، والأكثر منهم هم من تركوا الصحف بصورة نهائية لأسباب غالب منشأها دواعي الإحباط وكذلك اغتثاثهم من نوعيات منتشرة من أخبار وتصريحات لايُأبه بها ولاتستحق الاهتمام .
سانحة :
بالطبع ثورة الميديا والطفرات الهائلة لوسائل التواصل الإكتروني أفقدت – أو كادت – الصحف جماهيرها ورتبت على إدارات الصحف وأصحابها مسؤوليات كبيرة وكثيرة ، وأخطرها يأتي في سياق المنافسة من أجل البقاء .