عندما يكون الإنجاز غير محسوب وفق مؤشرات قابلة للقياس أو بناء على محددات يمكن من خلالها استشراف تحقق الأهداف والنتائج . وعندما يكون العمل والتطوير وفق ما يتيسر من علاقات وتصفيات وصداقات لا علاقة لها بأسس ومباديء تستحق العناء وصرف الأموال وبذل الجهود ، وعندما تكون الأعمال والبرامج والخطط قائمة على هذا النوع ( المتخلف ) الذي يُسمى في لهجتنا العامية ( بالبركة ) أو ( خبط عشواء ) ؛ عندئذ فقط يكون لاعجب أن يظهر الأداء في أسوأ حالاته وينال من الانتقاد والحرج مايفوق حدّ الاحتمال بالضبط مثل حال المسلسلات المحلية التي عرضها تليفزيون البحرين خلال هذا الشهر الكريم ، خاصة تلك التي على مايبدو قد تم إعداد فكرتها وتجهيز سيناريوهاتها وكتابة نصوصها – إن وُجدت – على عَجَل ، وليس من المتصوّر أن أحداً قد اطلع عليها مسبقاً وأجازها أو تم عرضها على لجنة أو فريق للترخيص بالبدء في تصويرها وإنتاجها ، فخرجت على نحو بذيء وسفيه ، وصل إلى حدود من التصرفات المقرفة مثل البصق والتمخط وماشابهها من سباب وشتائم وصراخ شكّل عند كثيرين – ممن يتواصلون معنا بشأن برامج الخبال والاستهبال هذه – نوع من الصدمة والمفاجأة التي لم يتعرفوا على أسباب وكيفية تمريرها ، وباتوا يتحسرون على الصرف عليها وهم يقارنون برامج ومسلسلات فضائيات أخرى أقلّ ما فيها أنها تحتوي على قصّة ولها مغازي ليس من بينها إظهار حال مجتمعهم وتراثهم العائلي على نحو سيء وصفيق كالذي يظهره مسلسلنا ( طفاش ) .
على أن السوء في هذا المسلسل لم يتوقف عند هذا الحدّ ؛ فقد فاجأني أحد القراء الكرام ضمن عدد من تعليقات وتواصل منهم عن هذا المسلسل بجانب آخر فيه يُضاف إلى سقطاته ، فقد كتب القاريء محمد إسحاق مايلي :
مع الموسم الثالث من مسلسل طفاش الذي يعرض على قناة البحرين ومن إنتاجها كثرت التساؤلات والملاحظات عليه من عدة جوانب ، أولها وأخطرها كثرة التركيز على السحر والدجل والشعوذة واستحضار أرواح الموتى كما يسمونه في جميع الحلقات وتبسيط الأمر لدى المشاهد وتزيينه والإيحاء أنه أمر مقبول بالسابق وسهل ومنتشر ومصدر للكسب . فالشخصية المسمى بأم سليمان في كل حلقة تقرأ الطالع أو تعمل الربط وسحر المحبة والتفريق وتقرأ الغيب وتشفي المرضى بأسلوب فكاهي يحبّب العامة بهذا المجال ويزين الدخول فيه!! ويستحيل أن يكون واقع البحرين في الماضي هكذا، والمتأمل لبعض الحلقات فقط والمقاطع منه يجد ذلك فما ذا عساه يقول ويكتب من شاهد جميع حلقاته!!
لن أتكلم عن السخافة والمهازل التي تنشر فيه ولا عن أمور أخرى تخالف الدين والأخلاق ولكن قضية السحر والدجل والشعوذة أمرها خطير ولا نتمنى رؤية الجيل الحالي يتجه لها كمهنة أو حرقة كما تم التسويق لها في المسلسل . أرجو أن تصل الرسالة للجهات المعنية وأن تتخذ الإجراءات ضد هذا المسلسل والقائمين عليه ومن يدعي أن هذا من الماضي والتراث ، فاليوم نشر للسحر والدجل والشعوذة وتبسيطه ، وغدا التبرك بالقبور وشجرة الحياة والصالحين من أعمال الشرك وهلم جرا في مسلسل آخر لهدم ما بقي من عقائد الناس. انتهى نص الرسالة لكننا نأمل في محاسبة وإعادة تقييم ، فما يقدمه الإعلام الرسمي ويُنفق عليه من أموال الدولة يستحق أن يظهر – بالتأكيد – على نحو غير هذا الذي رأيناه من هزالة وسذاجة الطرح والعرض .