في مجتمعاتنا تسوء أمور وتترسخ مشكلات وتتكوّن أزمات عادة ما تكون أسبابها سياسية أو اقتصادية أو معيشية أو ماشابهها ، نتركها تستفحل وندع مخرجاتها وآثارها تتضخم ولانعمل على التخطيط لمعالجتها واجتثاثها فتتحوّل وتتطوّر إلى ظواهر شعور بالإحباط أو الفراغ أو معاناة أو سوء عدالة أو عدم مساواة أو غير ذلك من نُذُر خطر تهدد الرفاهية والعيش الكريم ، وتهز الأمن والاستقرار وتمسّ مداميك الأمان والطمأنينة ؛ عندئذ – “جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان ” – يلجأون إلى الدين ، أو بالأحرى استدعاء الدين إما لإنقاذهم مما وصلت إليه الأحوال وطلب اللطف في الأقدار ، وإما – وهو المنتشر – إلقاء تبعات كل المشاكل والمخاطر التي أنشاتها وتسبب فيها السياسة والاقتصاد والإعلام و… إلى آخره على الدين .
فيكون الدين عند الأزمات هو المتهم بصناعة الإرهاب وزرع الكراهية وبثّ العنف وإقصاء الآخر ، وما من مصيبة في معايش الناس وحياتهم ، أمنهم وسلمهم إلاّ ويعطون للدين النصيب الأوفر في مسبباتها ويغفلون – وربما يتغافلون – الدوافع والأسباب الأخرى . ويحدث ذلك الاتهام بالرغم من أن الساسة والإعلام وغالب الأدبيات تنشر فكرة أن لاعلاقة للدين بالسياسة ولا الاقتصاد ولا بأي شيء آخر غير شعار ” مالله لله ومالقيصر لقيصر ” وديدنهم الترويج لعدم اتساع الدين الإسلامي وشموله لشتى مناحي حياة الناس!! لكن هذا الدين الذي يُراد له في كثير من الممارسات أن يُقصى من الحياة يكون هو المطلوب رقم واحد للتصدّي للمشكلات والأزمات ، على تنوّعها وتعدّدها .. فيا سبحان الله .
سانحة:
أفضل ما يمكن أن يبين طريقة تعامل البعض مع الدين هي النكتة المشهورة التي تقول : أن مجموعة من الأشخاص دخلوا أحد البارات وبدأوا يحتسون الخمر ويسمعون للغانيات ويشاهدون الراقصات ويبحثون عن المومسات فلما جاء دور الطعام قال قائلهم تجنبوا لحم الخنزير لأنه حرام !