إذا لم تخنّ الذاكرة فإن مجلس الشورى السابق (إبّان التسعينيات) قد أحالت إليه الحكومة الموقرة دراسة الوضع الصحي في البلاد بشكل متكامل، حيث تم تكليف لجنة الخدمات، التي كان يرأسها آنذاك الدكتور الفاضل فيصل سعيد الزيرة، بالدراسة وإعداد تقرير مفصل بشأن الموضوع. وبالفعل قامت اللجنة المذكورة -التي كنت حينها أميناً للسر فيها- بمناقشات واسعة التقت فيها بمختلف الجهات ذات العلاقة من مسؤولين بوزارة الصحة ومختصين بالطب العام والخاص. وأحسب -على ما أتذكّر- أن اللجنة ومن بعدها مجلس الشورى قد رفعوا تقريراً رصيناً، فيه تشخيص واضح للوضع الصحي في البلاد مرفق به توصيات ومقترحات كانت جديرة بالاهتمام.
ولعلّ من بين تلك التوصيات التي أذكرها هي ما نحن بصدد الحديث عنه في عمودي اليوم، إنشاء موقف متعدد الطوابق للسيارات في مجمع السلمانية الطبي لحلّ مشكلة الحصول على (الباركات) الآخذة في التفاقم. ولكم أن تلاحظوا أن مثل هذه التوصية أو المقترح قد كان في التسعينيات، أي مضى عليه ما يزيد على العقدين من الزمان من دون أن يرى النور، ومن دون أن يتحقق في أحد أهم وأكبر المرافق الصحية في البلاد.
وضع مواقف السيارات في مستشفى السلمانية الطبي لا يسرّ أحداً، ويكاد يكون الحصول على موقف لسيارات المرضى والزوار والمراجعين رحلة عناء تمتد لتشمل كل المنطقة المحيطة بهذا المجمع الطبي الكبير، ويكفي لاستكشاف المشكلة أن يقوم أي أحد بزيارة هذه المنطقة التي صارت الآن لا تضمّ مجمع السلمانية الطبي فقط وإنما جاورتها منشآت ومرافق ومجمعات طبية وتجارية كثيرة وكبيرة ومعها جامعة الخليج العربي، وكل ذلك بصورة يصعب التصديق معها أن تبقى المشكلة تتزايد وتتضخم من غير حلّ ناجع، رغم أن الكلام عن وجود المشكلة قد مضى عليه عقدان من الزمان!!
مشكلة عدم وجود مواقف للسيارات متعددة الطوابق لم تعد تقتصر على مجمع السلمانية الطبي فحسب، وإنما امتدّت لتكون كثرة من الوزارات والمؤسسات الخدمية خالية من هذا النوع من المواقف، ويُترك موظفوها ومراجعوها لمعاناة البحث عن موقف في الطرقات والأزقة والأرصفة المحيطة بها فتُضاف إليهم معاناة أخرى مع حال (مرمطة) الإجراءات والمراجعات وأجواء الحرّ وسخونة الصيف.
ومن يرى الآن -على سبيل المثال- حال المواقف وحتى الأرصفة المحيطة بمطار البحرين الدولي ويشاهد امتدادات السيارات المتوقفة التي وصلت حتى منتزه دوحة عراد ؛ لا بد وأن يتساءل حول سبب عدم وجود مثل هذه المواقف المتعددة الطوابق في المطار والمستشفيات وما شابهها من المرافق الخدمية حتى الآن؟!!