راصد

هل نحتاج إلى قانون عن الأعضاء البشرية؟!

صار من اللافت أن لدينا قوانين وتشريعات يعتريها الإهمال وتكون في طيّ النسيان، وقد تغيب بسبب التقادم عن الأذهان رغم ما لها من أهمية في حياة الناس. ثم يكون الأغرب أن يطلع علينا من ينادي بسنّ تشريعات في ذات مجال تلك القوانين المنسية أو المهملة !
التشريع الذي أقصده – كمثال – اليوم كان الأمل من صدوره إنقاذ مجاميع كبيرة من المرضى توقعت – ولا زالت – أن هذا القانون قد تمت صياغته من أجل الوقوف معهم والحدّ من معاناتهم وإعادة البسمة إليهم وإلى أهاليهم ونقلهم من حالتهم السيئة واعتمادهم على الغسيل الكلوي (الديلزة) إلى إمكانية زرع كلى يستطيعون ممارسة حياتهم بعدها بصورة طبيعية .
منذ حوالي (17) سنة، في القرن الماضي، وبالضبط بتاريخ 13 يونيو 1998م صدر مرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1998م بشأن نقل وزراعة الأعضاء البشرية بعد طول دراسة ومناقشات دارت حوله في مجلس الشورى آنذاك ، وكان هذا المشروع مطلباً ملحاً لوزارة الصحة لا يحتمل التأخير حسبما كان يذكر مسؤولو وزارة الصحة إبّان مناقشتهم لمواده .
هذا المرسوم بقانون، نظمت نصوص مواده أموراً في غاية الأهمية تتعلق بجواز إجراء عمليات استئصال الأعضاء من جسم شخص حي أو جثة متوفى وزرعها في جسم شخص حي آخر، بقصد العلاج للمحافظة على حياته كما أجازت للشخص أن يتبرع أو يوصي بأحد أعضاء جسمه, وسمحت بنقل الأعضاء من جثة متوفى بشرط الحصول على موافقة أقرب الأشخاص إليه حتى الدرجة الثانية، وكل ذلك وفق شروط وضوابط كان من شأنها أن تجد القبول لدى الناس وتشجع على التبرع أو التوصية بالنقل بعد الموت، وتكسر حاجز الخوف والتردد من ذلك، وتنشأ ثقافة مجتمعية تتفاعل مع مثل هذه الحاجات والحالات الإنسانية وتجعل منها – عملية نقل واستئصال الأعضاء – مسألة شبه عادية ومطبقة للتعامل مع مئات وربما آلاف من حالات الفشل الكلوي ممن ينتظرون ويتمنون ليل نهار أن تُنقل لهم كلى من أقارب أو متبرعين تعيدهم إلى سويّة حياتهم.
ولكن هذا المرسوم بقانون، وبعد كل الإلحاح والمطالبات بظهوره، تجمّد أو شبه تجمّد بعد أن صدر! ولم يُفعّل ولم نسمع عن أي قرارات تنفيذية له أو خطوات وإجراءات مبنية عليه. بينما تضاعفت وتفاقمت حالات الفشل الكلوي للذين يعيشون بالفعل مأساة إنسانية قاسية اضطرت كثيرين منهم للبحث في الخارج عن عمليات شراء كلى قالت عنها يوم أمس الدكتورة سمية الغريب رئيسة وحدة المؤيد لعلاج وزراعة الكلى في تصريح صحافي منشور أن قضية تجارة الأعضاء البشرية، وخصوصاً شراء الكلى من الدول الفقيرة، أصبحت قضية كبيرة ومقلقة وخطيرة على مستوى دول الخليج ومن بينها مملكة البحرين، حيث سجلت البحرين شراء (123) كِلية من الخارج، توفي منها (26) حالة نتيجة عدة أسباب يأتي في مقدمتها الالتهابات ويليها التسمم في الدم، وكذلك الرفض الحاد.
رئيسة وحدة المؤيد لعلاج وزراعة الكلى طالبت في ختام تصريحها كل المسؤولين عن التشريع في الحكومة ووزارة الصحة والمستشارين القانونيين بصفة خاصة، إلى جانب رجال القانون والدين في المملكة، بالحث على عملية التبرع بالأعضاء من غير الأقارب، وسن القوانين الشرعية التي تنظم هذه العملية من جميع النواحي أخلاقية كانت أو طبية ليبقى السؤال: ما مصير المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1998م بشأن نقل وزراعة الأعضاء البشرية الذي صدر قبل حوالي (17) سنة؟!!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s