شئنا أم أبينا، هناك من يعيش بيننا ويعمل على ممارسة التضليل و(فذلكة) الأحداث والقضايا وتغييرها وفق ما يريده حتى لو صار ذلك بطمس الحقائق وليّ المعلومات وحرْف الوقائع وصولاً إلى هدف إثبات ما يحرص على بثّه ونشره من سموم تفرّق ولا تجمّع، وتفسير كل شيء بنفَس طائفي بغيض أو تعريض لمظلومية في توظيف أو ترقيات أو بعثات أو ما شابهها من مناحي يريد لنا أن نقتنع قسراً بأن أي أخطاء أو تجاوزات أو مظالم في تلك المناحي إنما تقع على فئته، حصراً وقصراً، وأن الآخرين لا يصيبهم شيئاً من ذلك!
فن التضليل وتعمّده لا يقف عند حدّ هذه الأمور، إنما انتقل إلى نواحي الأمن وما يتعلق بالأمان والاستقرار، حيث يتناول هؤلاء المضللون مسائل مثل اكتشاف خلية إرهابية والقبض على أفرادها أو ضبط عمليات تهريب أسلحة ومتفجرات من إيران بالتخفيف من أثرها أو التشكيك في صحتها والطعن في مصداقيتها، ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى اتهام الجهات الأمنية بفبركتها أو عدم تناولها تماماً واعتبارها كأن لم تكن بالرغم من خطورتها، في المقابل يمكن لهؤلاء المضللين أن يقيموا الدنيا ولا يقعدوها لمجرّد تهديدات (داعشية) وردت في تغريدات في العالم الافتراضي (تويتر) لا تُقارن في خطورتها بواقع أمني على الأرض فيه أسلحة ومتفجرات، حقيقية وليست وهمية وافتراضية.
ومع أننا لا ننكر خطر التهديدات (الداعشية) ولا نقلّل من شأنها ويجب التعامل والحذر منها، إلاّ أن منطق الأشياء يفترض من هؤلاء المضللين التعامل مع المسألتين بذات القدر من الاهتمام والقلق بدلاً من أن تقوم (فزعة) لمجرّد تهديدات مكتوبة ثم تحلّ (سكتة) أمام ضبط أسلحة ومتفجرات.
واقع الأمر أن هناك من يصرخون ويدبجون البيانات ويرسلون التصريحات ويستدعون منظمات وهيئات عن تجاوزات وخروقات لحقوق الإنسان، ويدعون المجتمع الدولي إلى التدخل والضغط على البحرين لوقفها، لكنهم يلوذون بالصمت (كما سكون القبور) أمام انتهاكات حتى لو تعلّقت بجريمة قتل وإزهاق أرواح كجريمة يوم أمس التي استخدمت فيها أسلحة نارية استشهد فيها عدد من رجال الأمن، نسأل الله أن يتغمدهم بواسع رحمته ويدخلهم الجنة ويلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان. وحسبنا الله ونعم الوكيل.