راصد

مثل مؤهل بال شميث وأسوأ منه !!

اقترحت في هذا العمود المتواضع قبل حوالي شهرين على مجلس التعليم العالي أو اللجنة الوطنية لتقويم المؤهلات العلمية أو أية جهة أخرى أن تقوم بمبادرة جريئة لتقييم شهادات الدكتوراه ( بما فيها القديمة ) لأعداد – ربما – غير قليلة من المسؤولين شاع لدى كثير من الناس أنها من جامعات غير معروفة أو من ( دكاكين ) بيع وشراء . وذلك حفظاً لهذه الدرجة العلمية العالية من الامتهان والابتذال ، وعدم السماح بأن يكون حرف ( د. ) لكل من هبّ ودب .ولم تلق هذه الدعوة – للأسف الشديد – أية استجابة رغم أن هنالك دعوات تتفاعل بين حين وآخر لأن تتولى الدولة مسؤولية التدقيق وإعادة النظر في مثل تلك الشهادات التي تُصنف ( مزوّرة ) أو ( وهمية ) بعد أن صارت لهذه ( السالفة ) سوقاً رائجة لاتلبث بعض الصحف ووسائل الإعلام الغربية أن تشير إليها في تقارير ومتابعات وإحصائيات تذكر فيها أعداد العرب الذين تحصلوا على هذا النوع من الشهادات ، ومنهم بحرينيين ربما هم الآن في مناصب محسوبة على درجات علمية ومكانة وظيفية واجتماعية لايستحقونها .

ليس الضرر الاجتماعي هو الضرر الوحيد الذي يتأسس من ظاهرة المؤهلات المزورة أو الوهمية وإنما هنالك ضرر نفسي يتكبده المجتهدون والنابغون ممن يبذلون من خالص أوقاتهم وربما أموالهم ويتغربون عن بلدهم وأهلهم وتمضي  أزمنة من سني أعمارهم وهم ينهلون من الكتب والمراجع ويبحثون ويطوفون في أمهات الموسوعات والوثائق ويجوبون المختبرات والمكتبات ثم يكتبون رسائل علمية محكمة لينالوا بعدها درجاتهم الأكاديمية عن جهد وعناء ، وعن تمكن واقتدار ، وعن (حق وحقيقة) ، ولايتوقعون أن يجدوا في أوطانهم من يشار إليهم بألقاب علمية هي ( أي كلام ) ويعرف الكثيرون أنها وهمية أو أنها بدون دراسة ،  وقد أسبغت على أصحابها مكانة و ( رزه ) ووجاهة ،  وربما صاروا بها في مناصبهم العليا ، فيكون إحباط وأي إحباط لدى جموع من الطلبة والشباب بذلوا الغالي والنفيس في سبيل التعلم الحقيقي وليس الوهمي والمزور .

وليس عيبا أن تتبنى الدولة حملة أو مبادرة لملاحقة أصحاب هذه الشهادات والكشف عنها ، حفظا للسمعة العلمية وتشجيعا على الدراسة الحقيقية ومنعا لانسياق ذوي المال واليسر لولوج سوق البيع والشراء للمؤهلات العلمية . ليس عيبا لأن دولا أخرى فعلتها وأعلنت على الملأ ماتوصلت إليه من نتائج .  وكلنا يذكر استقالة رئيس جمهورية المجر بال شميث قبل بضع سنوات حينما اكتشفت لجنة تحقيق في هذا المجال أن رسالته في الدكتوراه التي حصل عليها في العام ١٩٩٢ قد نسخها من مؤلفين آخرين ، وتملكته الشجاعة بعد هذه الفضيحة لأن يقف أمام البرلمان ويعلن استقالته قائلاً : “يجسد الرئيس وحدة الأمة وفي الموقف الراهن أشعر بأنني ملزم بالتخلي على كرسى الرئاسة”. والمسألة – بالرغم من إلحاحها – إلا أنها ليست صعبة التحقيق ، ومن يدري فلربما نكتشف بيننا مثل مؤهل بال  شميث وأسوأ منه !!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s