تطالعنا صحفنا المحلية بين حين وآخر عن مشروعات ودراسات وكذلك اختراعات يعرضها طلاب الجامعات، وبالذات جامعة البحرين، وربما يشاركون بها في مؤتمرات أو معارض، سواء داخل البحرين أو خارجها. وغالب تلك المشروعات تكون من خلال فرق عمل طلابية لا ينقصها الحماس للإبداع والتميز بفكرة مشروع معين لعلاج مشكلة محددة أو تطوير أداة أو آلية يتوقعون أن يكون لها نفع عام في المجتمع وتسهم في تنميته وتقدّمه.
ومن يتابع – في الواقع – هذه الأخبار المنشورة بين حين وآخر عن تلكم المشروعات سوف يسترعي انتباهه أنها – أو جلّها – علمية من إعداد طلبة في كلية الهندسة أو كلية علوم الحاسوب أو مثلهما، تتناول نماذج ابتكارات أو اختراعات في توفير الطاقة أو الإنارة أو إنشاء الطرق وصيانتها أو أنظمة أمن وسلامة كالذي تم نشره أمس عن قيام فريق طلابي من قسم هندسة الحاسوب بكلية تقنية المعلومات بجامعة البحرين مكوّن من: أحمد محمد الطليحي وحمد محمد عيد وأحمد خميس علي بإعداد مشروع نظام إلكتروني يعمل على تمييز قزحية العين (البصمة) عند إجراء المعاملات البنكية في الصرَّاف الآلي. ويمكن أن يحلَّ هذا النظام مكان البطاقة التقليدية المستخدمة في معاملات الصرَّاف الآلي مستقبلاً، وذلك لما تتمتع به هذه التقنية من أمان وثقة. كما يمكن الاستفادة منها في الهواتف الذكية، إذ يتم إدماج هذا النظام مع نظام الهاتف الذكي ليخول العميل في استخدام حسابه الشخصي عبر العين فقط من خلال الحساب الإلكتروني والخدمات الإلكترونية المتوافرة بشكل آمن وموثوق.
و من دون الدخول في تفاصيل هذا المشروع أو أمثاله من مشروعات واختراعات أبنائنا المبدعين؛ فإن السؤال المطروح يتعلق بمصيرها بعد العرض والنشر، وما إذا كانت هنالك جهة أو جهات تتابعها وتتبنّاها، لتطوّرها وتنفذها وتُسجّل (ماركة) أو براءة اختراع بحرينية، ومن ثم تخرج من المناضد والأضابر لترى النور.
وبالطبع لا أتوقع أن يردّ علينا أحد في هذا الشأن لأنه – بالأصل – لا توجد جهة مسؤولة عن هذا النوع من التبنّي والرعاية والاحتضان. وحتى لو وُجدت جهة أو شبه جهة فإن الجواب سوف لن يتعدّى بضع كلمات إنشائية وتعبيرات جميلة لا يخرج أو ينتج من ورائها شيئ محسوس يمكن أن يُعتد به في لملمة هذه المشروعات الابتكارية والحيوية وإعادة رسمها وبنائها وحفظها من الضياع والإهمال.
لو كانت هنالك ميزانيات معتبرة للبحث العلمي، ولو وُجدت محاضن تدعم وتشجع وتقدّر الطاقات والمواهب (المواهب الحقيقية)، ولو تحققت قناعة بقدرات المواطن وإمكانياته في بيئات العمل والإنتاج، ومجالات البذل وحيوية العطاء عندما يشعر بتوفر مقوّمات الاحترام والتحفيز؛ عندئذ فقط – وليس قبلها – يمكننا أن نحصل على إجابات وافية ومرضية وربما مفرحة عن مصير تلك المشروعات النابضة بالحماس والحيوية لطلبة جامعاتنا.