مع نهاية شهر يوليو الماضي أصدرت الأمم المتحدة قراراً هو الأول من نوعه في تاريخها الذي قارب السبعة عقود، إذ تبنّت جمعيتها العمومية قراراً يستهدف مكافحة التجارة غير المشروعة في الحياة البرية بمطالبة الدول الأعضاء باعتبار الصيد الجائر وتجارة الحياة البرية جريمة خطيرة وأن تعدل التشريعات للسماح بالتعاون بين الدول.
القرار جاء على خلفية الغضب العارم الذي نشأ بداية الشهر المنصرم إثر مقتل أحد أقدم وأشهر أسود زيمبابوي، المسمى «سيسيل», في تفاصيل مثيرة بدأت باستدراجه من قبل صياد أمريكي اسمه «والتر جيمس بالمر» بمساعدة مرشدين محترفين دفع لهم (55) ألف يورو من أجل إدلاله على عرين الأسد البالغ من العمر (13) عاماً حيث استخدموا طعْما لإخراجه من متنزه «هوانجي» الوطني ثم أطلق عليه «بالمر» سهماً وانتظر مرور قرابة (40) ساعة قبل أن يطلق عليه النار ليرديه قتيلاً مضرّجاً بدمائه التي اهتز لها ضمير العالم وأصبح لها صدى تجاوز حدود زيمبابوي وانتقل على شكل بيانات تندّد وتطالب بمحاكمة هذا الصياد الأمريكي الذي أبدى ندمه لاغتياله أسد زيمبابوي المحبوب.
أكثر من (265) ألف شخص وقعوا حتى الآن عريضة على الانترنت حمِلت عنوان «العدالة لسيسيل» طالبوا فيها بمحاكمة الصياد «بالمر» وطالبوا كذلك حكومة زيمبابوي بوقف منح تصاريح لصيد الحيوانات المهدّدة بالخطر. وهو الأمر الذي حدا بالبيت الأبيض على لسان المتحدث باسمه جوش إيرنست الى التصريح بأن وزارة العدل ستستجيب لطلب تسليم مواطنه «بالمر» إلى سلطات زيمبابوي بتهمة قتل الأسد «سيسيل».
المفارقة؛ أنه في الوقت ذاته الذي شهد فيه العالم موجة الاستنكار الكبيرة هذه وتفاعل أعلى هيئة سياسية على مستوى العالم معها؛ كانت أرض فلسطين الحبيبة قد فجعت – ضمن فواجعها الكثيرة – بمقتل الطفل الرضيع علي سعد دوايشه، ذي الثمانية عشر شهرا، قتله عدد من الصهاينة المغتصبين بقرية دوما، إحدى ضواحي نابلس بالضفة الغربية، قتلوه حرْقاً هو وعائلته بعد أن أضرموا النار في منزلهم، وغادروا مسرح جريمتهم التي لم تخلّف ذات موجة استنكار مقتل الحيوان «سيسيل» ولم يلاحقهم أحد، ولم تتحرّك لهم الأمم المتحدة.. فما أرخص دمائنا!!!
سانحة:
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم».