تقدّم الوالد الفاضل خليفة بن أحمد الظهراني رئيس مجلس النواب السابق في الفصل التشريعي الثاني – قبل حوالي ست أو سبع سنوات من الآن – باقتراح بقانون بشأن فرض نظام ضريبة الدخل على الاستثمارات الأجنبية أسوة بما هو معمول به في كثير من بلدان العالم . وكان الظهراني يستهدف من اقتراحه تحقيق دخل إضافي لصالح الموازنة العامة للدولة ، وكذلك تنويع مصادر الدخل وتخفيف الاعتماد على موارد النفط فضلاً عن أن يكون لهذه الشركات والاستثمارات مساهمة فعالة في تحمّل التكاليف العامة بدلاً من أن يكون تخفيف الشروط وتقديم المزيد والمزيد من التسهيلات هو الأمر السائد لاستقطاب هذه الاستثمارات من دون أي عائد ( معتبر ) يشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني يُتحصّل من أرباح هذه الاستثمارات الأجنبية .
وعلى الرغم من أن اقتراح ومطالبة الظهراني ليست اختراعاً أو بدعة غير معمول بها إلاّ أن حملة من الرفض والتحفظات قد شّنها آنذاك بعض التجار ورجال الأعمال وآخرين أدّت إلى ( تعويم ) الاقتراح المذكور وتأجيله مع أنه بات واضحاً أن غالب اقتصاديات دول مجلس التعاون باتت الآن تتجه في الطريق إلى تطبيقه أو أن بعضها قد طبّقه بالفعل ، وليس من المتوقع أن نتخلّف في البحرين عن ركوب هذا القطار الذي كان الظهراني قد استشرف مستقبل قدومه بحكمته وخبرته وثاقب بصيرته .
ومناسبة استذكاري لاقتراح الوالد الفاضل خليفة بن أحمد الظهراني هو أن حملة رفض وتحفظ متشابهة في مضمونها ومصدرها يجري شنّها هذه الأيام على اقتراح بقانون آخر ، شبيه في جرأته لاقتراح الظهراني . وهو ماتقدّم به النائب الفاضل الدكتور عيسى أحمد تركي الأسبوع الماضي من اقتراح بقانون بفرض رسم شهري على العقارات غير المبنية والتي مضى على استملاكها أكثر من (3) سنوات، ويحسب الرسم على مساحة العقار بالكامل، بحيث لا يقل الرسم عن (500) فلس لكل متر مربع . هذا الاقتراح استهدف إيجاد بدائل وحلول للقفزات الهائلة في أسعار العقارات مما لايستطيع معها غالبية المواطنين شرائها والاستفادة منها ، واستهدف – وهو الأهم – وقف ظواهر الاحتكار والمضاربة في أسعار العقار .
مشكلة تجارنا ورجال الأعمال عندنا أنهم لايقدّمون مساهمات وأفكار حقيقية تساعد على تعديل سويّة معيشة الناس ، وهم في ذات الوقت حريصين – ربما إلى درجة الجشع – على ألاّ تُضار مصالحهم أو تُمسّ أموالهم وعقاراتهم فيما أنه لادخل لهم في الناس إن ارتفعت أسعار معيشتهم وتضاعفت وتعاظمت و( توحشت ) قيمة مساكنهم وتصعبّـت ممارستهم لشؤون حياتهم .. أي ( هؤلاء لايرحمون ولا يخلّون رحمة الله تنزل ) .
وأتوقع أن اقتراح الدكتور عيسى تركي ستُعرف قيمته وسيجري اللجوء إليه أو بحث اللجوء إليه في قادم السنوات ، حاله حال اقتراح بومحمد ، خليفة الظهراني لالشيء سوى أن الاقتراحات ( المتعوب عليها ) والمخلصة والباحثة عن حلول وبدائل لمشكلات قائمة ، والمتضمنة رؤى قريبة من آمال واحتياجات الشرائح الواسعة من المواطنين ؛ هي اقتراحات نوعية ، مميزة ، قد ( تُعوّم ) لكنها لاتسقط !