راصد

معضلة الاقتراحات النوعية

هناك معضلة تواجهها بعض الاقتراحات النوعية التي يتقدّم بها بعض السادة النواب ، صحيح أن هذه المقترحات ليست كثيرة بالمقارنة مع الكمّ الكبير من الاقتراحات العادية التي تصبّ في معظمها خانة الاختصاصات البلدية . لكن معضلتها – الاقتراحات النوعية – هي اصطدامها بمصالح الكبار والمتنفذين ممن يريدون كل شيء ، ومن دون أن يُعطوا شيئاً ! ولايمكنهم القبول بأي مساس بهم أو انتقاص من أرباح أو مكتسبات أو عوائد تخصّهم .

ولذلك يبقى الحال كما هو ؛ الاعتماد الرئيس على ماتضخه الحكومة من ميزانيات مهما بلغت العجوزات وتراكمت القروض والديون عليها ، وصارت إرثاً تتناقله وستئن من وطأته أكثر فأكثر الأجيال القادمة . ويتبع ذلك أن الحكومة هي الوحيدة المطلوب منها معالجة تعثّر معيشة المواطنين ، سواء في أكلهم أو شربهم أو عملهم أو سكنهم أو مرافقهم أو ماشابه ذلك من أمور لاننفي هنا مسؤولية الحكومة عنها ، لكن من الواجب أن يتحمّل معها هذا الواجب بقية الآخرين ، ممن يملكون ويستطيعون ولكنهم آثروا أن يكونوا في معزل عن العطاء الحق وفي مأمن من أن تمسّهم رسوم وضرائب تعين الحكومة على أداء واجباتها والتزاماتها .

هذه الثقافة ومعها روح الاتكالية والانعزالية ومقاومة التغيير ؛ أحبطت أو ذبحت – إن صحّ التعبير – أي مبادرة أو خطوة أو اقتراح يخرج عن إطار ( المألوف ) من حلول أو بدائل لمشكلات وقضايا أصبحت تتراكم وتتضخم آثارها على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية ومعها السياسية ، ولا يلوح في الأفق أي انفراج لها ، بل هي تتعقد وتتصاعد كلفة حلّها ولا يكون لمعالجتها سوى بضعة اقتراحات هنا أو هناك ، لاتلامس الجذور ، ولاتستأصل البلاء ، ولاتقدّم الإبداع ، ولاتحتوي جرأة التغيير . إنما تبقى في الهوامش ، وتظل في كنف الترقيع .

وانظروا إلى المشكل الإسكاني كيف بدأ وتطوّر ، ثم تُرك يتعقّد ، وبقي يتضخّم حتى أصبح كالغول يتهدد كل شيء في حياة الناس ، ولم تتغير طريقة مواجهته منذ عقود وعقود ، مجرّد ضخ المزيد من المخصصات للمشروعات الإسكانية ، وزيادة شروط التقدّم للحصول على الخدمات الإسكانية لـ ( تقصيص ) قوائم الانتظار ، يقابل ذلك ارتفاع مذهل وفاحش في أسعار العقارات ومضارباتها ، ومعه شحّ في الأراضي المخصصة للخدمات الإسكانية وللخدمات التعليمية وللخدمات الصحية وللخدمات … إلخ فيما مساحات بيضاء على مدّ البصر باقية لسنوات ولسنوات يرفض أصحابها أن يكون لها قيمة مجتمعية أو أن يتحملوا بها مسؤولية اجتماعية ووطنية ، ويرفضون حتى أي اقتراح قد يسهم في وقف أو الحدّ من ألعاب الاحتكار والمضاربة فيها ، ويحول دون بقائها مجمدة دون بناء ودون حراك تنموي ونهضوي في بلادنا التي صارت هي وأهلها تحتاج إلى كل شبر فيها !!

سانحة :

اقتراح النائب الفاضل الدكتور عيسى أحمد تركي بشأن فرض رسوم على العقارات غير المبنية والتي مضى على استملاكها أكثر من (3)  سنوات ؛ لايجب أن يُرفض كلّه بحسب بعض التحفظات المثارة ضدّه ، إنما يمكن تعديله وتطويره ، لأن فكرة منع الاحتكار ووقف المضاربات وخفض أسعار العقارات تستحق أن تُدرس وتُناقش ومن ثم تُنفذ على بساط الواقع ..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s