مثلما قلت سابقاً وأكرّر دائماً إنه في زحمة الاشتغالات والانشغالات بالسياسة وحالياً انتقلت -أو كادت- تلك الزحمة إلى ما يمكن تسميته بـ (التفاهات)، صارت بعض الأمور والأخبار والمعلومات المهمة تمرّ مرور الكرام، ولا يُؤبه لها رغم ما قد تنطوي عليه من أخطار وجوانب حساسة تمس الحاضر، وتخص المستقبل أكثر. ومن المفترض أنها تقرع جرساً أو ربما أجراساً ونواقيس خطر، لكنها مع ذلك تمرّ مرور الكرام فالغالبية -إن لم يكن الجميع- منشغلون ومشغولون بأمور أخرى ليست تلك الأخطار في وارد اهتماماتهم وعنايتهم.
فمن تلك الأخبار والمعلومات -مثلاً- التي أحسبها في تقديري المتواضع هي بمثابة كوارث تحتاج إلى ما يشبه فرق إغاثة وإنقاذ؛ هو ما تم نشره الأسبوع الماضي في صحافتنا المحلية في لقاء صحفي مع سعادة السيد مومينار رحمان سفير جمهورية بنجلاديش الشعبية لدى مملكة البحرين، أعلن خلاله أن عدد البنغاليين غير المسجلين والمخالفين لقانون الإقامة في مملكة البحرين يتجاوز (43) ألفاً، اقرأوا الرقم مرتين وتذكروا أنه يخص فقط المخالفين وغير المسجلين، بمعنى عدد العمالة البنغالية الهاربة أو السائبة فقط!!
عشرات الآلاف هذه من العمالة غير القانونية، أين يسكنون؟ وكيف يأكلون ويشربون؟ وكيف يتعالجون؟ وكيف يعيشون بيننا ويستخدمون مرافقنا وخدماتنا؟ ما هي الأعمال التي يمارسونها؟ وأسئلة أخرى كثيرة لا يمكن التصديق معها أن هذه الـ (43) ألفا تتحملهم مساحة البحرين البالغة حوالي (700) كم، وأنهم استطاعوا البقاء في هذه المساحة الصغيرة رغم أن إقامتهم غير قانونية. فإذا أضفنا إليهم أعداد العمالة المخالفين وغير المسجلين من جنسيات أخرى، والتي من المتوقع ألاّ تقل عنهم لكل جنسية، ثم أضفنا إليهم أعداد العمالة النظامية من هذه الجنسيات وهم أيضاً بعشرات أو مئات الآلاف، ويكفي أن سفير بنجلاديش يقول: إن عدد المقيمين المسجلين من العمالة البنغالية أكثر من (107) آلاف، وليس عليكم إلاّ أن تجمعوا وتحسبوا (رياضياً) بقية الأعداد، من كل الجنسيات، سواء العمالة النظامية أو غير النظامية لتتعرفوا على مقدار الخطر الديموغرافي الذي يتهدد مجتمعنا في هويته وانتمائه، وفي أمنه واستقراره، وفي الأنساق الاجتماعية والثقافية التي نعيش أجزاء ليست قليلة منها في أحيائنا و(فرجاننا) وينتظرنا الكثير منها إن لم تقفز تلك المهددات إلى سدّة الاهتمامات وقمّة الأولويات.
سانحة:
طالعتنا الصحف الصادرة يوم أمس عن جريمة قتل منظورة حالياً في محاكمنا، بطلها آسيوي نحر بـ (الساطور) صديقه في سكنه وطعنه (4) طعنات في عنقه وطعنة ببطنه و(7) طعنات في ظهره وقطع عضوه الذكري.. وهذا نموذج من المهددات التي تستدعي أن ننظر في مآلاتها.