راصد

مصادر البلبلة والإرباك

      لم يكن الحرّ الشديد وغير المسبوق هو فقط الذي تميّز به شهر أغسطس الحالي وجعل الناس يشعرون بحالات من الإعياء والتعب والإنهاك التي قد لم تمرّ عليهم في سابق السنوات ؛ إنما أيضاً تميز هذا الشهر بعودة أو زيادة ظهور تصريحات وأخبار من مصادر مجهولة في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة ، تستفزّ مشاعر الناس وتزيد سخونة الأجواء أكثر فأكثر لأنها تتعلق بجوانب حياتية قادمة مهمة ، تتوقف عليها مصروفات وأرزاق وأعباء معيشية لاتحتمل أن يجري تناقلها بواسطة إشاعات أو ( مجسّات نبض ) أو تسريبات يتخفّى أصحابها بلباس مصادر ( مسؤولة ) أو ( مطلعة ) أو ( فضّلت عدم ذكر اسمها ) أو ماشابه ذلك من مسميات مجهولة لأصحاب تصريحات شاهدناها بالذات طوال هذا الشهر بشكل متزايد . أقضّت المضاجع وأثارت الاستياء والاستفزاز ، وأسهمت في نشر بلبلة لايصلح أن تكون أبداً في خضم أزمة اقتصادية ومالية متزايدة صارت تبعث على القلق والمزيد من الهلع مع كل أخبار يومية عن انهيارات جديدة في أسعار النفط ومعها تهاوي أسواق البورصة في كل أنحاء العالم .

يُفترض في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية الاستثنائية وتداعياتها المحتملة ؛ أن تكون الكلمات محسوبة ، وأن التصريحات خاصة بشأن موضوع دعم السلع والخدمات والكهرباء والمشتقات النفطية محددة وواضحة لاتحتمل الغموض ولا التأويل ، والأهم أن تكون على قدر من المصداقية والشفافية التي لايثبتها إلاّ أن تكون صادرة بكل ثقة عن مراكز وشخصيات واضحة ومعلومة تحترم عقول الناس ، ولاتلعب بعواطفهم ومشاعرهم وتخلق حالة من الإرباك لايستوعبها المشهد الحالي الذي نحتاج فيه لأن تُقال التصريحات والتوضيحات والبيانات ( بالفم المليان) ومن خلال مراكز وشخصيات معروفة ومعلومة وليست مجهولة أو متوارية عن الأنظار ومتخفية وراء جُدُر .

قبل بضعة أعوام قليلة ؛ صدرت توجيهات سامية من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر لجميع الوزراء والجهات الخاضعة لإشرافهم بضرورة كشف كل من يُدلي بتصريح أو بيان صحفي عن هويته وموقعه الرسمي ، وذلك التزاماً بمعايير الشفافية والمكاشفة التي يدعو إليها الجميع حيث أن مواقف الدولة وسياستها من الوضوح والشفافية بحيث لا تبرر وبأي مقاييس أن تنسب أجهزة الإعلام أخبارها إلى مصادر مسؤولة غير محددة .

وفي ظل هذه الأزمة الاقتصادية والأوضاع والتطورات المنتظرة على صعيد معايش الناس وأرزاقهم ؛ أتمنى على صحفنا ووسائل إعلامنا رفض نشر أية تصريحات مجهولة المصدر ، حفظاً للمهنية الواجبة ، واحتراماً للقراء الكرام ورفعاً من شأن المصداقية والشفافية ، وعدم فتح مضاميرها للسباق والتكسّب الإعلامي ، وكذلك – وهو الأهم – منعاً للبلبلة واللغط مما ليس وقته بتاتاً الآن .

سانحة:

رغم أن معالي وزير الداخلية في لقائه الأخير مع الفعاليات والشخصيات الوطنية قد طرح في كلمته الضافية والشاملة محاور وجوانب في غاية الأهمية كموضوع السياج البحري للحدود ، والحماية من عمليات التهريب ، وضوابط تنظيم السفر إلى مناطق النزاعات ، وضوابط أخرى لتنظيم سفر من هم دون الثامنة عشرة وتشريعات لمكافحة التمييز والكراهية والطائفية ؛ إلاّ أن البعض أغفل كل هذه الأشياء الهامة وركّز – أو ألقى بثقله – على إجراءات تنظيم خطاب المنبر الديني وترك الباقي! ربما لحاجة في نفس يعقوب .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s