أحاول قدْر الإمكان ، وبحكم تشرّفي بالعمل في مجلس النواب ؛ أن أنأى من تلقاء نفسي في موضوعات عمودي الصحفي – منذ بداياته قبل أكثر من عقد ونصف – عن تناول مايخصّ السادة النواب . فأنا إن امتدحتهم قالوا شهادته مجروحة ، وإن دافعت عنهم قالوا عنّي ( ولدْهم ) ويعمل معهم ولا يستطيع أن يقول عنهم شيئاً بالرغم من أني لو انتقدتهم فسيقول عني هذا البعض ” وشَهِد شاهد من أهلها ” !
وبالمناسبة ، وردّاً على بعض متابعيني وقرائي الكرام ؛ قرارالنأي – قدْر الإمكان – هذا اتخذته بشكل ذاتي كالتزام أدبي وأخلاقي ولم يطلبه أحد منّي ، حيث كنت ولازلت ألقى كل الدعم والتشجيع و( عدم التدخل ) من غالب السادة النواب ، ومن الرئاسة الحالية والرئاسة السابقة لمجلس النواب وكذلك المرحوم إبراهيم محمد حسن حميدان رئيس مجلس الشورى الأسبق .
ومع ذلك ؛ في بعض الأحيان أخرق هذا القرار والالتزام ، خاصّة إن تولّدت لدي قناعة أن أكون شاهداً ميدانياً على مجريات أحداث معينة تستحق مني بيانها . ولعلّ الجهد الكبير وربما غير المسبوق الذي يبذله السادة النواب هذه الأيام في موضوع إعادة توجيه الدعم هو من الموضوعات التي يجدر بي توضيح مقداره أو تفصيل فيه للسادة القراء الأعزاء قد لم يقفوا عليه .
فبالنظر إلى أهمية هذا الموضوع (إعادة توجيه الدعم ) في المرحلة القادمة وكونه سيشكل تحوّلاً مفصليّاً في معايش المواطنين ، بما له من تداعيات وآثار إيجابية وسلبية ، ويمرّ تطبيقه من خلال أوتار حساسة جداً تتطلب مراعاة التوازن بين الظرف الاقتصادي الراهن الاستثنائي وبين مكتسبات المواطنين وعدم المساس أو – للدقة – تقليل المساس بها ؛ فقد آثر غالب السادة النواب أن يواصلوا عملهم و( ينسوا ) إجازتهم البرلمانية من خلال اجتماعات لجان متواصلة لم توقفها حرارة هذا الصيف اللاهب ، بدأت منذ شهر رمضان المبارك ، ولازالت مستمرة ، وفضّلوا أن يقضوا إجازاتهم في ربوع مبنى المجلس ولجانه بما يشبه غرفة طواريء يومية يبذلوا فيها كل الوسع ، تشاوراً وتنسيقاً مع الحكومة الموقرة لأن يظهر مشروع (إعادة توجيه الدعم ) بأفضل وجه ممكن وبأقلّ الخسائر في ظل وضع صعب لايُحسد النواب عليه ، فهم بين مطرقة أزمة اقتصادية حقيقية ومتفاقمة وبين سندان ناخبين وضعوا عليهم آمال وطموحات لتحسين سويّة معيشتهم .
من واقع خبرتي ومتابعاتي المتواضعة أن إلغاء أعضاء في السلطة التشريعية لإجازتهم البرلمانية لم تحصل إلاّ في التسعينيات ؛ عندما قرر أعضاء لجنة الشؤون التشريعية والقانونية برئاسة الفاضل بوزياد ، خليفة بن أحمد البنعلي رحمه الله في مجلس الشورى ( السابق ) مواصلة اجتماعاتهم لدراسة مشروع القانون المدني لأهميته ولكون مواده تتجاوز الألف مادة . فلربما رأى الآن السادة النواب في موضوع إعادة توجيه الدعم أهمية كبرى لاتقلّ في مستواها عن مشروع القانون المدني الذي يُسمى في عرْف البيئة التشريعية بـ ( أبو القوانين ) . وكان الله في العون ..