لايبدو أن مايسمى ملف رفع أو تحرر أو إعادة توجيه الدعم للسلع والمواد الغذائية ثم الوقود ثم الكهرباء هو آخر الملفات الاقتصادية أو المعيشية التي سيطالها التعديل بـ ( مقصّ ) الترشيد وشدّ الحزام تماشياً مع انعكاسات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انهيار أسعار النفط وماترتب عليه من آثار بات يُخشي مع زيادة تدهورها أن تمسّ تداعياتها حتى رواتب المواطنين التي هي أحد أهم الحقوق المكتسبة التي يجب ألاّ يجري التفكير في المساس بها ، أو هكذا يُفترض .
.
المخاوف من هذه التداعيات كثيرة ، سواء عند السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية ، والجميع صاروا على محكّ صعب وحساس مع المواطنين ، خاصة محدودي الدخل و- من تبقى أو يمكن تسميتهم – متوسطي الدخل الذين جرت العادة عندهما أن مداخيلهم لاتغطّي كامل الشهر ومنهم من لايكفيه حتى لمنتصفه.
وما يزيد من هذه المخاوف والقلق بشأنها هو تلك الإشاعات أو التسريبات التي تتحدّث عن أن موضوع إعادة توجيه الدعم هو مثل انفصال حبّة من مسباح ستكرّ معها باقي حبّات ذات المسباح . أي أن هنالك ملفّات أخرى قادمة ، تنتظر دورها بعد الانتهاء من ( سالفة ) إعادة توجيه الدعم ، حيث من المرجّح أنه – الدعم – لن يكون آخر المطاف في سلسلة إجراءات يقدّر القائمون عليها أنها تستدعيها المرحلة الاقتصادية المتأزمة القادمة بينما لن يرى فيها المواطنون سوى مزيد من الأعباء والتكاليف المعيشية المرهقة .
من هذه الملفات التي بدأ تسريبها – كما جرت العادة – من خلال مصادر مجهولة وغير معلومة ، مايتعلق بوقف ساعات العمل الإضافي – أو زيادة شروطه – ومعه الترقيات والحوافز وقبله التعيينات ، وكذلك سيعقبه ملف التقاعد من حيث زيادة الاشتراكات التقاعدية و( قصقصة ) امتيازات أو علاوات أو وقف القروض أو الاستبدالات أو ما شابه ذلك من ملفات أو إجراءات يُقال أنه بدأ – بالفعل – العمل ببعضها من غير الإعلان عنها
ملف آخر يُتوقع وضعه على طاولة البحث والتشاور حتى يُصار إلى تنفيذه ، هذا الملف يبرز شأنه وترتفع به عقيرة أصحابه في كل عام ، يظهر إلى العلن بقوة لكنه يخبو ويختفي بسرعة ، ويتعلق بما يسمونه ( تقديم الخدمة مقابل تكلفتها ) وأترك لكم البحث في تفاصيلها وتفصيل الأضرار المترتبة على تطبيقها . على أن الملف الذي إن جرى تطبيقه على أرض الواقع سيجعل – ربما – الناس على (الحديدة )؛ هو ملف فرض ضريبة القيمة المضافة
على العموم ؛ من يلاحظ هذه الملفات القادمة التي منها أيضاً زيادة الرسوم البلدية ورسوم الصرف الصحي ؛ يجدها تمس بشكل مباشر مكتسبات المواطنين – لاسيما محدودي ومتوسطي الدخل – من حيث رواتبهم وامتيازاتهم وعلاواتهم وتقاعدهم ، بمعنى أنها بسبب الأزمة الاقتصادية توجهت إلى هؤلاء البسطاء الذين هم نسبة غالبة في مجتمعنا وتركت الأقوياء من علية القوم ، أي أن سياسات شدّ الحزام وترشيد الإنفاق تخصّ في غالبها قاعدة الهرم وتترك قمّته !! رغم أنه لو أن سياسة التقشف تم اتباعها ابتداء مع القمّة لما احتجنا إلى شيء من القاعدة ، ولتفهمّت القاعدة حاجة هذه الإجراءات التقشفية وارتضتها طالما أن قمّة الهرم قد شملتها إجراءات شدّ الحزام ، فأوقفت تضامناً مع حالة عجز الموازنة وقلّة ذات اليد مختلف صور الهدر والبذخ من أنشطة واحتفالات وسباقات ومهرجانات و( سفرات ) وماشابهها من أمور تستفزّ مشاعر المواطنين الذين يحسّون بأنهم المعنيون الوحيدون بانهيار أسعار النفط ، وربما يظهر من يتهمهم بأنهم سبب هذا الانهيار !!
سانحة :
لابد من الشعور بأن الجميع شركاء في الغُنْم والغُرْم .ر