راصد

لو أن بغلة عثَرَت

لم تكن الـ (70) جثة وبينهم أربعة أطفال للاجئين سوريين لقوا حتفهم خنقا في شاحنة مخصصة لنقل الأطعمة المجمدة والمبردة في النمسا سوى حادثة في جبل من القصص والمآسي الإنسانية التي بات يتكبدها هؤلاء المشردين من ديارهم ، يغامرون في قوارب الموت في عرض البحر ، لايحملون معهم سوى الأمل من أجل البقاء والوصول إلى أي شاطيء يقبلهم ويضمّهم وقد تخلّى العالم بأسره عنهم ، وتركهم للتدمير والتهجير بصورة اضطر معها السيد أنطونيو غوتيريس المفوض السامي لشؤون اللاجئين لأن يقول أن أوضاع اللاجئين السوريين هي أكبر كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية . ويعلن أن أعداد المسجلين لدى المفوضية بلغ ثلاثة ملايين وتسعمائة ألف و89 لاجئا، هذا عدا عن مئات الآلاف الذين هربوا من بلادهم ولم يقيدوا في سجلات المفوضية ! المفوضية نفسها أعلنت أن أكثر من (12) مليون سوري بحاجة للمساعدة للبقاء على قيد الحياة.

وأصبحت أخبار جثثهم أو أشلائهم التي ترمي بها الأمواج الهادرة أو المفقودين في عبابِها ، وفي الشاحنات والقطارات تتصدّر الفضائيات وأخبار وكالات الأنباء ، تظهر صور مشردين ولاجئين من أطفال ونساء ورجال ، صورهم موتى ومتجمدين في مشاهد بشعة تقشعرّ منها الأبدان ويذوب لأجلها الصخر ، حزنا وكمداً . ارتقت أرواحهم إلى بارئها تشكو تواطئنا وتؤامرنا على أن يُذبحوا بأيد جزّارين لم نستطع وقفهم ومنعهم . وتشكو تخاذلنا وغلق دولنا العربية وإحجامنا عن استقبالهم وانتشالهم حتى سلّموا أنفسهم – مضطرين وهاربين من الجحيم – لسماسرة ومهربين جشعين ، وواجهوا حكومات أوروبية أغلقت أبوابها في وجوههم ، فلم تكن النتيجة سوى هذا الموت الذي انتشرت صوره في الآفاق ، ولانشك أن جبّار السموات والأرض سيحاسبنا عن مواقفنا وأعمالنا – حكاماً ومحكومين – عن هؤلاء ، من أبناء جلدتنا الذين يُحاصرون ويجوّعون ويُقتلون الآن في بلاد الشام ويُهجّرون على هذا النحو الكارثي الفظيع .

في يوم من الأيام – عاجلاً أم آجلاً – سيلتفت أبنـاء سوريا إلى أطلال وقبور آبائهم وأجـدادهم وسيرون على شـواهدها تخلّي العرب عنهم وتخاذلهم عن نصرتهم وإعراضهم عن إيوائهم وغلق حدودهم عنهم حتى ترمّلت نساءهم وانتزعت من بين أيــاديهم أعزائهم وفلذات أكبـادهم ، وصارت جثث أهاليهم تتقاذفها الأمواج على السواحل . وسيتذكرون أن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قد قال في ساعة خوف من الله : ” لو أن بغلة في أرض العراق عثرت ، لخشيت أن يسأل الله عمر يوم القيامة : لِمَ لَمْ تمهّد لها الطريق يا عمر؟ ” .

سانحة :

وبينما كانت الصور المفزعة لجثث اللاجئين السوريين الذين تقذف بهم أمواج البحر الأبيض المتوسط على شواطيء أوروبا تتصدّر نشرات الأخبار العالمية ، وترسم ملامح حزن وألم لم يعرفه العالم منذ الحرب العالمية الثانية ؛ اشتعل (السوشال ميديا ) عند بعض العرب بمقطع فيديو لما سُسمي بـ ( معتمر السكوتر ) وانشغلوا بجواز ذلك أو عدم جوازه !!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s