يُروى في الأثر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لي: (يا جابر! ما لي أراك منكسراً)؟ قلت: يا رسول الله! استشهد أبي، وترك عيالاً ودَيناً، قال: (أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك)؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: (ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجابه، وأحيا أباك، فكلّمه كفاحاً. فقال: يا عبدي تمنَّ علي أعطك. قال: يا رب! تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم لا يرجعون) وأنزلت هذه الآية: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ” .

وقيل أيضاً في أسباب نزول هذه الآيات العظيمة في فضل الاستشهاد إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة أو سرور تحسروا، وقالوا: نحن في نعمة وسرور، وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور، فأنزل الله تعالى هذه الآية؛ تنفيساً عنهم، وإخباراً عن حال قتلاهم.

ولاشكّ أن حادثة استشهاد أبطال البحرين وأبطال الإمارات والسعودية قد هزّت مجتمعاتنا وألقت بظلالها عليه ، حزنت لها القلوب وبكت العيــون وذرفت الدموع . وإن الجموع التي سوف تزحف اليوم إلى مقبرتي المحرق والرفاع لحمْل جثامين الشهداء وتوديعهم مثواهم الأخير وسترفع أكفّ الضراعة لجبّار السموات والأرض أن يتغمدهم برضوانه ويدخلهم فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان . هذه الجموع ستحمل أيضاً رسائل حبّ لهذا الوطن ورسائل تأييد لوقوف بلادهم مع الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهتهم للمدّ الصفوي وحماية البوابة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية واستعادة اليمن وانتشالها من يد الغدر والعدوان وحفظ عروبتها وهويتها . ولايمكن للبحرينيين ولعموم الشعوب الخليجية في ظل هذه الأخطار المحدقة إلاّ أن يكونوا روافد تضحية وفداء لأجل حاضرهم ومستقبل أجيالهم . رحم الله شهداءنا الأبرار في البحرين والإمارات والسعودية .

سانحة :

في اللغة معنى تِيْجَان : جمع تَاج : ما يوضع على رؤوس الملوك من الذهب والجواهر ، وشهداؤنا هم تِيْجَان على رؤوسنا .