مع أنه لم يبْق أحد – تقريباً – من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين إلاّ وأدلى بدلوه في الموضوع الهام والحدث المرتقب الذي زاد في موسم صيف هذا العام حرارة الأجواء ولهيب درجاتها المرتفعة التي قيل عنها أنها غير مسبوقة . وأعني به موضوع رفع أو إعادة توجيه الدعم للسلع والخدمات ، بحيث أن التعليق والتصريح فيه أصبح كما المهرجان ، وبات الكلام فيه مادة متاحة ( على الآخر ) للاستهلاك الإعلامي اليومي ، لاتحتاج إلى أي عناء ، واختلط فيها الحابل بالنابل ، تتكلم فيها مصادر معلومة ومصادر مجهولة ، بل واتسعت خريطة السلع محل التداول لتتجاوز اللحوم والدجاج والطحين لتصل حتى إلى الطماطم !
ومع أن الموضوع لايتعلق – كما يحلو للبعض تجييره – بمجرّد بضعة دنانير (قليلة أو كثيرة ) ستُضاف بمسمى علاوة دعم أو ماشابهها إلى حسابات المواطنين وإنما هذا الموضوع أقرب إلى تحوّل نوعي في نظام اقتصادي عاشت به البحرين واعتادت عليه لعقود من السنوات يُخشى من أن تغييره سيلحق أضراراً ليست قليلة على مستويات عديدة ، منها ما سيطال المواطنين أنفسهم الذين على مايبدو أن بضعة الدنانير التي ستُحوّل إلى حساباتهم لن تتناسب مع أسعار اللحوم أو بقية السلع والخدمات المزمع رفع الدعم عنها والتداعيات السلبية على أسعار توابعها وأخواتها من بقية السلع . ومنها ما سيلحق بالمقيمين والأجانب الذين ترتّب مجيئهم وربما استقرارهم في البحرين على نظام أسعار لغذائهم متناسب مع مداخيلهم يُتوقع عدم صمود تلك المداخيل إلاّ بزيادتها . وبالطبع هذه الزيادة – إن حصلت – سيكون تعويضها وفق قاعدة ( إن كل زيادة هنا سيجري تعويضها من هناك ) ولأن في عالم القطاع الخاص وعموم التجارة ( مافي شي ببلاش ) . ناهيكم عن الكلام الكثير في قصة الجذب والاستقطاب لرؤوس الأموال والمستثمرين ومايدور في فلك البيئة الاستثمارية في ظل أوضاع اقتصادية وأمنية وإقليمية هي ليست – أصلاً – على مايُرام .
المهم ، أنه في خضم كل هذه التجاذبات و( الحيص بيص ) الذي – مثلما قلنا في البداية – لم يبْق أحد إلاّ وأدلى بدلوه فيه ؛ التزمت جهتان شبه الصمت التام ولم نلحظ لهما – بحسب متابعتي المتواضعة – أي تصريح أو بيان أو موقف أو إعلان خطوات أو إجراءات أو تدخلات أو مطالبات أو ماشابه ذلك مما هو من صميم اختصاصاتهما ومسؤولياتهما تجاه هذا الموضوع الهام الذي هو يشكل تحوّل كبير في النظام الاقتصادي المتبع عندنا منذ عقود .
وزارة التجارة والصناعة وغرفة تجارة وصناعة البحرين ، هما طرفان رئيسيان في هذه المعادلة ، لايصحّ منهما مثل هذا الغياب أو شبه الغياب . إذ لابد أن يكون لهما الدور الفاعل سواء على مستوى تطمين المواطنين والمقيمين والأجانب والمستثمرين بنتائج هذا التحوّل أو على مستوى ضبط ومراقبة الأسعار أو على مستوى إيجاد خيارات وطرح بدائل . حيث أن مسؤولية تطبيق رفع أو إعادة توجيه السلع تمسّ في نهاياتها السوق التجاري الذي من المعروف أنهما – الوزارة والغرفة – يمسكان بدفّة تسييره وتوجيهه ومراقبته ولهما مسؤولية كبيرة فيه ، أو هكذا يُفترض .
سانحة :
جاء في معنى الكلمة المشهورة ( سمنديقا ) أنه كان تجار الخليج في الهند يتركون بضاعتهم عند حارس هندي ويقضون أشغال أخرى . فيقعد هذا الحارس يحرسها ( لاشغل ولا مشغلة ) فإذا مرّ أحد عليه وسأله عن سعرها يقول له أنا : سامان ديغي ، يعني البضاعة ليست لي وأنا فقط أحرسها .