راصد

الأبعد من (إكسبو)

” تغذية الكوكب ، طاقة للحياة ” هو العنوان الرئيسي لمعرض إكسبو ميلانو 2015 م المقام حالياً على مساحة تقدّر بـ (200) هكتار ( أي بما يعادل (800) ألف متر مربع ) في جمهورية إيطاليا التي تعمل على أن يكون لهذا المعرض أثراً كبيراً في إخراجها من أزمتها الاقتصادية . وتشارك في هذا المعرض دول من مختلف أنحاء العالم ، من بينها (19) دولة عربية حرصت أن يتميز جناحها بصورة تعكس واقع ثروتها الزراعية والنباتية وتتلاءم مع العنوان الرئيس للمعرض الذي هو ” تغذية الكوكب ، طاقة للحياة ” وكذلك مع العناوين السبعة الفرعية له ، وهي : ” العلوم لطعام أكثر جودة وصحة وأمان ” ، ” الابتكار في المعدات الزراعية ” ، ” التقنية من أجل الزراعة والتنوّع البيولوجي ” ، ” علم الغذاء الصحي ” ، ” التعاون والتضامن من أجل الغذاء ” ، ” الغذاء لتحسين أسلوب حياتنا ” ، ” الطعام في ثقافات وأعراق الشعوب ” .

مايميز معارض إكسبو في العادة هو تصاميم الأجنحة التي يجري إقامتها على هذه المساحة الكبيرة من الأراضي المخصصة للمعرض ، وذلك بصورة باتت معه معارض أكسبو أشبه بمسابقة تصميم أجنحة مدهشة تثير الاهتمام بجمالها ورونقها أكثر- ربما – من موضوع المعرض نفسه وتفريعاته .

البحرين ، كانت لها مشاركة في هذا المعرض تحت حملة شعارها ” تراثنا ثراؤنا ” . وعملت جناح مساحته (2000) متر مربع أخذ عنوان ” آثار خضراء ” عُرضت خلاله – بحسب تصريحات القائمين عليه – الثروة النباتية والزراعية المثمرة في المملكة .

المهندس الذي قام بتصميم جناح البحرين هو الهولندي آن هولتروب وساعده أنوك فوغل مهندس المناظر الطبيعية و أرمين لينكه مسؤول عن المشهد الوثائقي حول التراث الزراعي في البحرين . وذلك بالإضافة إلى طاقم بحريني تولى أيضاً المساعدة في إقامة وترتيبات العرض في هذا الجناح الذي استمرّت فترة تصميمه وإعداده عدّة أشهر لم أتمكن في الواقع من معرفة التكلفة المالية للمصممين والمساعدين ومعها كامل تكلفة المشاركة والإقامة في هذا المعرض ، لكن مايجري تناقله أن التكلفة هي في خانة الملايين من الدنانير ، كما أنه سيجري تفكيك الجناح البحريني ونقله وإعادة تركيبه في البحرين بتكلفة تقارب المليون دينار .

لسنا ضد الترويج لمملكتنا الغالية ، ولانعارض أن تكون مثل هذه المشاركات نافذة تعانق بها المملكة حضارات وثقافات الشعوب الأخرى ؛ ولكنني طوال الوقت الذي كنت أتابع فيه أخبار مشاركتنا في هذا المعرض الذي يتكلم عن غذاء العالم والزراعة أتذكّر أن أحد المسؤولين عن الثروة النباتية بوزارة شؤون البلديات قد قال قبل بضعة أشهر أن الأراضي الزراعية في البحرين انخفضت بنسبة (66%) وإن مساحة الأراضي الزراعية تراجعت من (6400) هكتار، إلى (2300) هكتار خلال السنوات الماضية ، أي مايقارب ثلثي مساحة الأراضي الزراعية قد ( راحت ) . وأنه لو أنفقنا هذه الملايين من الدنانير – إن صحّت – المصروفة على ( إكسبو ) هنا ، على شكل هبات أو مساعدات أو قروض للمزارعين ولأدواتهم ولآلياتهم ولتطوير منظومة ( نأكل مما نزرع ) ولزيادة الرقعة الخضراء واكتساب مزيد من الأراضي الزراعية وإعادة نسبتها السابقة ، أو للبدء –على الأقل – بهذه الملايين في نوايا إحياء الزراعة كمصدر جديد للدخل في وقت شحّت فيه مداخيلنا . لو فعلنا ذلك ؛ فسيكون هو الترويج الحقيقي ، ذي العائد الفاعل ، والأكثر جدوى للوطن والمواطنين من مجرّد جناح صممه أوروبيون في معرض أقيم في أحد بلدانهم ، أنفقنا عليه ملايين الدنانير ليعكس واقع ثروة زراعية ونباتية أقرب مايمكن أن يُقال عنها أنها مهملة ، والدليل أن أراضيها انخفضت بنسبة (66%) !!

سانحة :

في ظل أجواء الأزمة الاقتصادية وظروف شدّ الحزام ومقتضيات ترشيد الإنفاق ؛ يجب أن تكون مثل هذه المشاركات وغيرها من معارض ومسابقات ومؤتمرات ومهرجانات مدروسة بدقة وعناية ، من حيث جدواها وتكلفتها ، وماهو أولى منها حتى لايشعر المواطن أنه وحيداً أمام هذه الأجواء ومحوراً حصرياً لهذه الظروف والمقتضيات .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s