راصد

كانت مجرّد «لعب يهال»

الآن، بعد أن تطورت العلاقات الإيرانية- الأمريكية وخرجت من طور الخفاء والاشتباه، وانفضحت مسرحية العداء بينهما، وأزكمت الأنوف رائحة التحالف الغادر بينهما الذي كان يُظهر في النهار خلاف ما يُحاك في الليل من أدوار تآمرية في المنطقة، تُشبع الطمع والجشع الاقتصادي للأمريكان وتحقق في الوقت ذاته التوسع والطموح الديني والقومي للإيرانيين من خلال (لعبة) لم يبق حالياً من فصولها شيئاً يستطيعان به استمرار تمثيل دور القط والفأر (توم وجيري).
الآن، وبعد هذا الكمّ الفضائحي من التعاون والحميمية والتآمر بين من كانا يمثلان طرفين مختلفين ومتحاربين حتى النخاع، وانكشف الآن أن ذاك التمثيل إنما هو مجرّد كوميديا مبطّنة انطلت على السذّج والبسطاء الذين لم ينتبهوا الى سخريتها إلاّ بعد فوات الأوان و(ابتلاع) هذا التحالف لأجزاء أثيرة وغالية من جسم الأمة العربية والإسلامية.
الآن؛ جاء دور التبرير أو التخلّي عن تصريحات وكلمات استعملها نظام الملالي في إيران طوال عقود زمنية سابقة حتى أصبحت كأنها ماركة إيرانية خالصة وخاصة لا يستخدمها غيرهم، ولا ينافسهم فيها أحد، ينطق بها القادة والساسة ورجال الدين عندهم قبل شعوبهم، هذه الكلمات مثل: (الشيطان الأكبر) أو (الشيتان الأكبر) بحسب اللهجة الإيرانية، (ورأس الحية) و(الموت لأمريكا) وما شابهها من ألفاظ صدّعوا العالم صراخاً بها، خرج علينا مؤخراً الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن هذه التصريحات والكلمات مثل (الموت لأمريكا) إنما هي شعار لردة فعل سياسية تجاه أزمات متعددة! وانها ليست إعلان حرب! يعني هو مجرّد شعار، لا أكثر ولا أقلّ.
وتبعاً لذلك؛ فإنه من المتوقع أن يخرج علينا أيضاً روحاني أو غيره ليبرّر أيضاً تصريحات الإيرانيين التي تنكر وقوع مذبحة اليهود المسماة (الهولوكست) ويتخلّون عن الكلمات النارية ضد إسرائيل، وخاصة تلك التي تدعو إلى «إزالة إسرائيل من الوجود» أو إلقائها في البحر وغيرها مما برع في استخدامها وتكرارها بالذات الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد. لا ندري ما هي (التخريجة) التي سيتوصلون إليها بخصوص إسرائيل بعدما استطاعوا تخريج عبارة (الموت لأمريكا) بأنها كانت فقط شعارا، لكن لا نستبعد أن يُقال بشأن تصريحاتهم النارية ضد إسرائيل إنها كانت مجرّد «لعب يهال».
سانحة:
كتاب قيّم اسمه «التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل وإيران والولايات المتّحدة الأمريكية» من تأليف «تريتا بارسي» أصله إيراني يحمل شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة «جون هوبكينز» في رسالة عن العلاقات الإيرانية – الإسرائيلية، وأحد الخبراء في السياسة الخارجية الأمريكية، ورأس المجلس القومي الأمريكي الإيراني. الكتاب يتضمن معلومات ووثائق تكشف طبيعة العلاقات والاتصالات التي تجري بين هذه البلدان (إيران، إسرائيل، أمريكا) الصفقات السريّة والتعاملات غير العلنية بينهم على الرغم من الخطاب الإعلامي الاستهلاكي للعداء الظاهر فيما بينهم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s