غداً سنحتفي بعيد الأضحى المبارك ، الذي أصبح مع بقية الأعياد خلال السنوات الأخيرة أشبه بمحاولة للقفز فوق الألم والأحزان التي صارت تلفّ حياتنا ، وتغضّ المضاجع ، وتجعل من لحظات الفرح والسعادة كما النوادر التي يتصعّب الحصول عليها شيئاً فشيئاً .
سنحتفل بالعيد لكننا سنبقى بعيدين عن دائرة السرور مادام أن الجرح الفلسطيني لم يندمل ، وأن نزيفه مستمر ويتمدّد أمام حالة التشتت والتشرذم التي يعيشها العرب وهوانهم على المسجد الأقصى الذي صار يئن وحيداً أمام طغمة المحتلين الصهاينة وتدنيسهم لقدسيته وانتهاكهم لحرمته ومكانته التي تراجعت لدى عموم العرب والمسلمين .
كيف سنشعر بالفرح وأهلنا في قطاع غزة محاصرون برا وبحراً وجواً ، أكثر من مليون ( إنسان ) يجري تجويعهم ومنع الغذاء والدواء والوقود عنهم ، ويفرض حصارهم ليس اليهود وحدهم ، بل يعاونهم عليه ممن يُفترض أنه ينقذهم ويفزع لفكّ حصار الموت عنهم لكن المروءة والنخوة تشكو هجرانها .
وفي العراق التي هي مهد الحضارة ومنبع التاريخ وحصن الإسلام المنيع ، سالت فيها الدماء ، تشّرد الشرفاء ، سُرقت الثروات ونُهبت الخيرات ، تسلّط على رقاب الناس احتلال أمريكي وصفوي استباح كل شيء في بغداد الرشيد .
أيمكننا أن نفرح بينما القتل والذبح في سوريا الحبيبة بلاهوادة ، ضاع فيها حق الحياة ، صارت السواحل ملتقى جثثهم ، أسوأ ما يمكن أن يسمعه الإنسان ، أن تختلج مشاعر الأسى لديه عندما تقول إحدى حرائر سوريا ، هاربة من جحيم بشار ؛ أنها كانت في البحر مع أربعة من أطفالها ، وعندما أوشك قاربهم على الغرق قيل لها لاتستطيعين أن تحملي معك إلا طفلين ويجب عليك ترك الاثنين الباقين . لانستطيع إكمال قصة هذه المأساة لكننا من شدّة البؤس وحالة الضياع التي باتت عنواناً لحياتنا أن تآلفنا مع هذه الأحداث الجسام وصارت لاتؤثر في أغلبنا حتى لو رأوا صور المسلمين يحرّقون في بورما أو تحصد أرواحهم الطائرات بلا طيار في أفغانستان أو الصومال أو تُنتزع أرواحهم في أماكن ومناطق كثيرة تُنتقص أطرافها على امتداد خريطة بلاد العرب أوطاني .
سانحة :
لابد أن نستذكر في هذا العيد ونرفع أكفّ الدعاء والضراعة لجنودنا البواسل وجنود قوات التحالف العربي الذين يبذلون الآن الغالي والرخيص في أرض اليمن السعيد لتحريره من الحوثيين وإعادة الحقّ إلى نصابه .