في واقع الأمر لا يشك أحد في الجهد المقدّر والمشكور الذي تتصدّى له إدارة المرور، فهو جهد كبير ومضنٍ يزداد تقديره بالنظر إلى حجم الكثافة المرورية وعدم مناسبة الطرق والشوارع لاستيعابها، الأمر الذي نتج عنه ازدحام يصل إلى حد الاختناق المروري في كثير من الأحيان.
ومن هنا أقدّر للإدارة العامة للمرور ردّها الكريم مؤخرا على مقالي في الأسبوع الماضي «وفّر البديل ثم خالفني» والذي أشرت فيه إلى أن أهالي المحرق تعارفوا وتآلفوا في ظل شح مواقف السيارات على طريقة معينة لإيقاف سياراتهم خاصة خلال المناسبات الاجتماعية (أفراح، تعازٍ، دفان… إلخ) وطلبت استخدام المرونة وروح القانون إزاء هذا الوضع الاستثنائي لأنّ الناس صاروا يسألون حينما يفاجأون هذه الأيام بالمخالفات المرورية: طيب أين نقف؟
وقد اتفقوا في ردّهم مع ما كتبته عن وجود أزمة مواقف سيارات، وذكروا أن مجلس محافظة المحرق بحضور المحافظ ونواب المنطقة والأهالي طالبوا بالتشديد على المخالفين، وخاصة من يتكرر منهم تعطيل الحركة المرورية وبالتالي هم – إدارة المرور- جهة لإنفاذ القانون، وهم ليسوا جهة الاختصاص في موضوع توفير مواقف السيارات.
غير أنه من وجهة نظري المتواضعة؛ فإنّ إدارة المرور دورها أكبر من ذلك، وأكبر من أن تكون مجرّد (عصا) يطلبها البعض كمخرج غير سليم لتقصيره وتقاعسه في حل مشكلة تتزايد في منطقته يستوجب عليه –هذا البعض– حلّها بموضوعية وبمنتهى السرعة بحكم مسؤوليته وتمثيله للأهالي. وبالتالي ليس صحيحاً على مجلس محافظة المحرق ونواب المنطقة أن يلجأوا إلى زيادة معاناة ندرة المواقف بطلب مخالفة الأهالي، فلربما ذلك يُعدّ التفافا على مسؤولياتهم ابتداء في توفيرها. ولا سيما أن هذه الجهات تعرف أنه يوجد قرابة (15) ألف سيارة بالمحرق من دون مواقف سيارات، بل إن المواقف القليلة المتوافرة استولي عليها في ما يسمى تحويل الشوارع العادية إلى تجارية.
وأحسب أيضاً أن إدارة المرور شريك أساس في التخطيط ووضع الحلول وإيجاد البدائل، تتكامل مع بقية الجهات، وتقدّم لهم النصح والمشورة، ويمكنها كذلك أن ترفض أو تتحفظ على من يطلب منها استخدام (عصا) المخالفات على مداخيل وجيوب (مهترئة) لم يكن لهم يد في صنع أسبابها وترك مناطقهم هكذا من دون مواقف.
ولذلك أرجو أن يسمح لي الإخوة الكرام المقدّرون على جهودهم أن أكرّر عليهم ومعهم بقية الجهات المختصة والمتكاملة معهم: حلّ مشكلتي ووفّر البديل ثم خالفني.
سانحة:
حينما قرأت ردّ الإدارة العامة للمرور الذي جاء فيه أن رصدهم للمخالفات جاء بناء على (طلب) من المحافظة ونواب المنطقة؛ قفز إلى ذهني المثل الشعبي المعروف «بغيناك عون فأصبحت فرعون».