راصد

إسراء عابد.. لا بواكي لها

لنتصوّر، مجرّد تصور أن الشابة إسراء عابد، هي مسيحية، وأنها كانت في المحطة المركزية في بلدة العفولة بمدينة الناصرة في فلسطين المحتلة من أجل التوجه إلى – مثلاً – كنيسة المهد في بيت لحم، وأن الشرطة الذين التفوا حولها وقام أحدهم بإطلاق النار عليها هم شرطة فلسطينيون. فقط تصوّروا الحادث بهذا السيناريو. يا الله ما الذي سيحدث؟ وكيف ستكون ردّة فعل العالم؟ ليس من باب الخيال إن جاء في تصوركم أن رؤساء وملوك وأمراء العرب والمسلمين وأنظمة الحكم فيها سيكونون على رأس قائمة المستنكرين والمعزّين، وستجلجل وكالات الأنباء وفضائيات العالم بردود أفعال تتهمنا في ديننا وعروبتنا بأننا إرهابيين ومتطرفين ومتشددين، وسترسل دول شتى وفودا وأفرادا للمشاركة في التحقيق ومتابعة هذه الجريمة الإرهابية، وربما يعقد الاتحاد الأوروبي أو مجلس الأمن جلسة خاصة للحدث. وبالطبع سينبري بعض السذّج والمنهزمين من أقوامنا يندّدون بإطلاق النار على إسراء، وسيتكلمون عن قتل البراءة، وسيسهبون الحديث عن التسامح والتعايش، وسوف (يتفلسفون) عن مسببات قيام الجندي الفلسطيني بإطلاق النار على الفتاة المسيحية، قد يتهمون المناهج الدراسية بالسبب أو يلقون اللائمة على محاضن القرآن الكريم أو يحرضون على منابر الجمعة.
أما وإن الشابة الفلسطينية إسراء زيدان توفيق عابد ذات الـ (29) عاماً، مسلمة، ومن المرابطات في المسجد الأقصى، ومن أطلق عليها النار بدم بارد هم جنود صهاينة فإنه لا بواكي لها، لا من أنظمتنا ولا من سفهائنا ومنهزمينا. ولا يربط أحد هذه الجريمة بإرهاب أو تطرّف أو تشدّد طالما أن الضحية مسلمة والجزّار سفاح يهودي.
في زماننا الأنكد؛ يُراد للمسلمين عموماً وللفلسطينيين خصوصاً أن يبقوا جماداً بين الأحياء ويفقدوا إنسانيتهم ويتخلوا عن كرامتهم، ويجب عليهم أن يصمتوا ويصبروا على ذبح أهاليهم وأبنائهم، وأن يتحلّوا بالصبر بينما البراميل المتفجرة تسقط على رؤوسهم، وأن يلتزموا بالتسامح حينما تُهدّم بيوتهم وتُحرق مزارعهم. وعليهم أن ينادوا بالتعايش مع الأديان في الوقت الذي يتداعى الشرق والغرب ويتآمرون ويتواطئون على الفتك بهم ونحرهم. ويجب أن يرضوا بتدنيس مقدساتهم حتى لو كان الأقصى الشريف، ولا يبالون بانتهاك حرماتهم وأعراضهم. يريدوننا مخصيين تماماً من أي غضبة لله وللدماء الطاهرة المستباحة.
يريدوننا خيولاً لا تصهل.
سانحة:
لماذا لا تبكون ولا تتحركون ولا تستنكرون عند قتل أبريائنا؟!! ولماذا دموعكم لا تسيل إلاّ حينما يكون القتلى غير مسلمين؟!!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s