حين وُلد الرسول صلى الله عليه وسلم أقام جده عبدالمطلب مأدبة دُعي إليها كل أفراد قبيلة قريش الذين أكلوا من عقيقة النبي صلى الله عليه وسلم وسألوا عبدالمطلب: ماذا سميته؟ فقال: سميته محمدًا، فنظر الناس إلى بعضهم بدهشة لأنّ هذا الاسم كان غريبا على آذانهم لم تعرفه العرب قبل ذلك ولم تسمّ به، وكأن الله تبارك وتعالى ادخر هذا الاسم وألهم عبدالمطلب به ليقع أمرًا مكتوباً في اللوح المحفوظ منذ خلق آدم عليه السلام، أن نبي آخر الزمان اسمه محمد، وعبد المطلب لم يوح إليه، وسألته قريش: لم رَغِبت عن أسماء آبائك؟ فقال: «أردت أن يحمده الله في السماء ويحمده أهل الأرض في الأرض».
وكأنما كان عبدالمطلب قد انكشف له المستقبل فاستشفّ أنه ما من بشر اليوم يُشكر ويُثنى عليه كما نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي نحتفي هذه الأيام بمناسبة هجرته العظيمة التي غيّرت مجرى العالم وأسهمت في انتشار الإسلام. وما من اسم لغيره عليه الصلاة والسلام أصبح مقرونا باسم المولى عز وجل، يُذكر وتُعطّر به المسامع في مختلف أرجاء الدنيا في الأذان خمس مرات يومياً. بل أصبح اسم «محمد» الذي كان غريباً آنذاك هو الأكثر انتشاراً في العالم، والأعلى معدّلا للتسمية بين البشر، بحسب موسوعة جينيس للأرقام، ليس في بلاد العروبة والإسلام فحسب، وإنما تعدّاها إلى بلدان أوروبا وأمريكا في صورة تبين مدى انتشار رقعة الإسلام، لأنّ الأسماء إنما تعكس قيَم الناس. فلا غرو أن تتحدث الآن الإحصائيات عن أن الإسلام بات يحتل المراتب المتقّدمة في ديانات تلك الدول، منها الثانية وأخرى الثالثة. وهو ما يفسر حالة الإسلام فوبيا التي صارت تتسع هناك.
بل إن حبّ الرسول صلى الله عليه وسلم هو عبادة نتقرّب بها إلى خالقنا سبحانه وتعالى، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين». تدمع العيون عند ذكره، وتتشنّف الآذان حين سماع سيرته، تتلهف القلوب لزيارة مسجده صلى الله عليه وسلم، والصلاة في روضته الشريفة ونيل شفاعته.
ويُروى في السيرة النبوية العطرة، أن الصحابي الجليل زيد بن الدَّثِنة رضي الله عنه لما أسر في غزوة الرجيع، وجيء به إلى مكة واشتراه صفوان بن أمية وأخرجه إلى التنعيم ليقتله، اجتمعت عليه قريش وفيهم أبو سفيان فقال له: أنشدك الله يا زيد، أتحبّ أن محمدًا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنّك في أهلك؟! قال زيد: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأنّي جالس في أهلي، قال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدًا كحبّ أصحاب محمد لمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم قتلوه رضي الله عنه.
سانحة:
اللهم اجعلنا ممن طال عمره وحسُن عمله وزاد برّه وبالأعمال الصالحة ختمت عمره.