في الواقع لايجب أن تُترك إجراءات التقشف كما السيف المسلّط على معايش الناس والخدمات المقدّمة لهم . وأن يكون ذلك مبرراً كافياً لعمليات تقليص أو تخفيض أو وقف أو إلغاء ، تجري هنا أو هناك بقرارات معلنة أو غير معلنة ليس من سبب لها سوى أنها تتماشى مع الظروف الاقتصادية الحالية . فهنالك مستويات معيشية وخدمية ترتبت عليها حياة المواطنين واستقامت عليها أمورهم وشؤونهم ، وتأملوا عليها حاضرهم ومستقبلهم . وهم موعودون منذ بدايات تلك الأزمة الناجمة عن تهاوي أسعار النفط بأن أية إجرءات ستُتخذ في هذا الإطار لن يكون لها تأثير على مكتسبات المواطنين وأنه لامساس بهم أو بالخدمات المقدمة لهم .
وفيما الجميع اطمأن بتلك الوعود – ولايزالون – إلاّ أن القلق والمخاوف صارت بمكان يصعب إخفاءه ، تزيد تارة وتخبت تارة أخرى . لكن العنوان المشترك هو أن هنالك حالة ترقب لتغييرات اقتصادية قادمة يسميها البعض سنوات عجاف . بدأت بما بات معروفاً بسياسة إعادة توجيه الدعم الذي كانت أولى خطواته اللحوم وستتبعه الكهرباء والوقود ومثلها مما يتعذّر على وجه الدقة القول بأنها ستكون في صالح المواطن بالنظر إلى التداعيات والتأثيرات الأخرى وفق حسابات التكاليف وتغطية الخسائر ، وهو ماكان واضحاً في مسألة اللحوم .
ولذلك أتوقع أن الجلسة المرتقبة الثلاثاء القادم لمجلس النواب للمناقشة العامة لسياسة إعادة توجيه الدعم لن تقتصر على مسألة اللحوم فقط ولن تكتفي به لأن الموضوع أشمل ، ويتعلق بتغير طبيعة نظام اقتصادي سارت عليه معايش المواطنين والمقيمين في البحرين منذ عشرات السنين ، وهذا التغيير له كُلف وتأثيرات ليست فقط على مستوى ارتفاع الأسعار وإنما حتى على حالة الاستثمار وقدرتنا على استقطابه كرافد معاون للدخل القومي في بلد يشكل الأجانب فيه نسباً عالية من مجموع السكان .
الدراسة المتأنية لأي إجراء تقشفي وترشيدي والشاملة لكل تأثيراته وتداعياته المباشرة وغير المباشرة ؛ باتت مطلباً أساسياً قبل التطبيق ، وليس بالضرورة أن تكون هذه الدراسة مبنية على أرقام في أرقام حيث أنه قد توجد لها تأثيرات مجتمعية لاتكشفها ولاتعوّضها الأرقام .
يابخته :
أمضى (40) عاماً من سني عمره في خدمة الحجاج والمعتمرين ، وكان أشهر من نار على علَم من بين مقاولي الحجاج ، موجهاً ناصحاً وعاملاً وخادما مخلصاً لضيوف الرحمن ، ومرجعاً لكثير من أصحاب حملات الحج التي أتت من بعده . شاء المولى عز وجل أن يكرمه ويجزل له الثواب والإحسان ، فيختاره إلى جواره في أفضل الأيام وفي أشرف بقاع الأرض . فقد توفى فجر يوم الجمعة الماضية ، وفي الحرم المكي الشريف أحمد عبدالرحمن يادكار ، مقاول الحج المعروف .. اللهم اغفر له وارحمه وأدخله الجنة وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان .