المقالات

رحم الله فؤاد

كما الصاعقة نزل على نفسي خبر وفاته ظهر يوم السبت الماضي ، فقد كان موته فجأة دون وداع ، ودون سابق مرض أو وجع . كان قد صلّى مع جماعة مسجده فجر ذاك اليوم كعادته التي لايذكر أحداً أنه انقطع يوماً عنها من غير أن نتوقع أنها ستكون آخر صلاة له أو أنه صلّاها صلاة مودّع يحتسب الرضا والقبول من ربّ كريم رحيم .

كان إذا وفقني المولى عز وجل للقيام لصلاة الفجر ، وأردت حينذاك قطع المسافة إلى المسجد مشياً على الأقدام ؛ غالباً ما أجد في طريقي بومحمد قد سبقني الخطى فألحق به وأصبّح عليه ، فلا أجد في وجهه سوى بشاشة المؤمن ونوره وكذلك سروره بهذا المشي البسيط حتى أني أذكر منذ بضع سنوات قد قْلت له أثناء سيرنا إلى المسجد أن الجو اليوم حار ورطب فردّ علي مباشرة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلّم : ” بشّر المشّائين في الظُلَم بالنور التام يوم القيامة “.

من يعرف فؤاد محمد يوسف بحر رحمه الله لايمكنه إلاّ أن يخرج عنه بانطباع ملؤه الإعجاب بشخصية الصامت الوقور ، نبيل الأخلاق ، طيب المعشر والسلوك ، نادراً مانسمع صوته ، لايذكر أحداً بسوء ، ولايتدخل في شؤون آخرين ، لايظهر الشكوى ، ولايتبرّم من شيء ، الحمد والرضا سمات محيّاه .

إذا أراد أحد أن يعرف من هو بومحمد الذي أتكلّم عنه اليوم ؛ فلينظر إلى أبنائه الصغار محمد ويوسف وأحمد ، أحسن تربيتهم فكانوا قطعة من جسده وقالباً من إيمانه والتزامه وأخلاقه ، لايفرّطون في صلاتهم ، كثير من أهل مسجدنا لايجدون وصفاً لهم أحسن من أن يقولوا عنهم ” عياله ذهب ” . أعرف أن مقالي عن والدهم العزيز سيبكيهم حينما يقرأونه لكن حزننا على فراق أبيهم عميق وفجيعة جماعة مسجد الزامل بقلالي على رحيل أحد حماماته كبيرة .

في ساحة مقبرة المحرق حزنت القلوب وبكت العيــون وذرفت الدموع على بومحمد الذي لم يورّث لأهله أفضل من الذكر الجميل لشخصه بين الناس الذين غصّت بهم رحابة المقبرة .

هذه هي دنيانا التي تشغلنا حاجاتها  فلا يطرأ علينا طارىء الموت، ولا ذكرى الراحلين، ولا مشهد هذه القبور التي تملأ الرحب ، نعيش فيها كالمخلّدين الذين لايتوقعون فراقها ومغادرتها .

رحم الله بومحمد ونسأله سبحانه وتعالى أن يتغمّده بواسع رضوانه ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة فهو القادر على كل شيء فقد ودّع الدنيا قريباً من ربّه ، وعلى طاعته. 

رأيان على “رحم الله فؤاد

  1. جزيت الجنة يا ابا فيصل على ما اسردته بحق اخينا بومحمد إنه لم يرحل عنا .. نعم لم يرحل .. فعندما المح احد أبنائه ادرك أنه لم يرحل بالفعل .

    هذه الحياة كتب لنا فيها الوجود ولم يكتب لنا الخلود ،فأننا عندما نوجد بأمر من الخالق سبحانه وتعالى الكل يسعى فيها كما أمره الله، وشهادتنا في الغالي الراحل منها ربما تكون مجروحة .

    كيف رحل ليس هذا السؤال لأن الإجابة لهذا السؤال اجاب عليه المولى عز وجل . وانما السؤال كيف عاش قبل أن يرحل هذا يجيب عليه كل من شهده ورآه وهو يعتاد المساجد وكل من شهد له بالإيمان بحسب حديث الرسول الكريم .

    هنيئا لك الحشد في يوم وداعك هنيئا لك الذرية الصالحة هنيئا لك طيبتك وهدوئك الذين اثمرا حب الجميع.

    إن العين لتدمع وان القلب ليحزن وانا على فراقك يا ابامحمد لمحزونون.

    إعجاب

  2. جزاك الله خير اخي بوفيصل والكلام عن بومحمد الوقور الطيب كثير ولكن يبقى امر الله وقضاءه ونحسبه ان شاء الله من أهل الفردوس الأعلى.
    وايضاً كما قلت أخي بوفيصل بومحمد خلف وراه سمعه وأبناء رجال من ذهب الله يصبرهم ويثبتهم على طريق الحق.

    اللهم آمين

    إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s