انتشرت في تصريحات عدد من الوزراء والمسؤولين بالآونة الأخيرة مقارنات معينة يجري الحرص على إبرازها واستخدامها بما يشبه أو يدفع نحو التبرير لإجراءات قادمة أو استغلالها كأسباب مقنعة لتمرير تعديلات تتعلق بمناحي معيشية في غاية الأهمية في حياة المواطنين ومستقبل أيامهم .
وتتركز هذه المقارنات التي من المتوقع زيادة اللجوء إليها في الأيام القادمة على بيان أن هذه الخدمة أو هذه السلعة هي الأقل سعراً في دول مجلس التعاون الخليجي أو ترتيبنا الثاني أو الثالث بينهم . وذلك سواء في قيمة احتساب سعر الوحدات الكهربائية أو البنزين أو الديزل أو الكيروسين أو اللحوم أو الدواء أو نخالة الطحين أو ماشابه ذلك مما نتوقع تكراره وتزايد تعداده في قائمة من السلع والخدمات ، قد تطول ولاتقصر . وذلك اعتقاداً بأن عرض وتوضيح هذه الفروقات بيننا وبينهم على شكل جداول مقارنة ورسوم بيانية سيُعدّ أمراً كافياً لقبول رفع أسعارها وزيادة رسوم استحصالها طالما أننا الأقل أو ثاني أو ثالث مرتبة خليجياً . وظهرت هذه المقارنات بجلاء ، وبصورة صارخة يوم أمس عند مفاجأة الإعلان عن قرار زيادة سعر البنزين ، وقيل أنه تماشياً مع ما اتخذته دول خليجية في هذا الخصوص ، وأننا لسنا في معزل عنهم .
غير أن المقارنة السليمة خاصة فيما يتعلق بالأمور المعيشية ينبغي أن تكون وفق منظومة متكاملة تأخذ بـ ( الكل ) ولاتقتطع ( الجزء ) وتراعي كامل الظروف المحيطة حتى يمكن حينذاك أن يُصار إلى الاستناد إلى مقارنة أمينة وحصيفة ، وكذلك مقنعة .
فمن المهم – مثلاً – بشكل رئيس أن تحتوي تلك المقارنات فروقات الرواتب في تلك الدول و(مداخيل) مواطنيها التي نعتقد أنه بإمكانها تحمّل أسعار ورسوم مرتفعة أو زيادتها بينما أصحاب تصريحات المقارنة أعرف وأبخص بحال الرواتب عندنا ويدركون جيداً أنها لم تتغير منذ سنوات ، ولم ينلها أي زيادات مثيلة بمن يقارنوننا بهم . وبالتالي يكون مستغرباً الاستمرار في تدبيج مثل تلك المقارنات من دون النظر إلى مسألة الرواتب هنا وهناك ، وحجمها ومقدار تحملها وإمكانية استيعابها لأية تغييرات وزيادات في الرسوم والخدمات .
مثل هذه المقارنات الناقصة والممجوجة وغير مكتملة أركان القياس ؛ تكون عند اللجوء إليها هي أقرب إلى تسذيج الأفهام وتسطيح العقول . وتبعاً لذلك فإن هذه التصريحات التي تستخدم مقارنات في غير أماكنها أصبحت ( بايخه ) لاقيمة لها وانتهت صلاحية استهلاكها وترويجها .
سانحة :
ومن المقارنات الناقصة التي يتم الترويج لها أيضاً هو سن التقاعد ، إذ يُقال أنه في بعض الدول ، ومنها الأوروبية يبلغ (65) عاماً ؛ فلماذا لانكون مثلهم ؟ والواقع أن الظروف الطبيعية والمناخية وكذلك المهنية هناك ربما تسمح بأن يكون سنّ التقاعد حتى (100) سنة بينما أجواءنا وظروفنا وطبيعتنا مختلفة ويجب بالنظر إليها الاتجاه إلى تقليل سن التقاعد وليس زيادته . ويكفينا المقارنات الناقصة .
مقارنة الرواتب الشهرية مع دول الخليج والدول الاوربية لماذا الم تتم.
إعجابإعجاب