المقالات

“الرحلة انتهت لا تعاندوا القدر”

بهذه الكلمات ودّع الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل أسرته قبل أن توافيه المنية وينتقل إلى الدار الآخرة الأسبوع الماضي تاركاً وراءه إرثاً متلاطماً في أنهار الإعلام والسياسة والفكر امتد عدّة عقود من الزمان ، رافق خلالها عدد من الزعماء والقادة الذين غادروا هذه الدنيا فيما بقي هو – هيكل – شاهداً على فتراتهم وعصرهم ومُدد حكمهم إلى أن اختاره المولى سبحانه وتعالى.

عمّر محمد حسنين هيكل وطالت به الحياة فيما لم يبلغه من سني هذا العمر إلاّ قليلين ، حيث تُوفي عن مايناهز (93) عاماً تقلّب أثناءها في مهام ومسؤوليات كثيرة ومتنوّعة ، وتقلّد خلالها مناصب متعددة غالبها في رئاسة تحرير صحف ، ومَسَك وزارات الإرشاد والإعلام ثم مهام الاستشارات ومثلها مما بغض النظر عن طبيعتها ومقدار الاتفاق أو الاختلاف بشأنها أو حجم صوابها وخطئها أو تأثيراتها على طريقة وأداء حكومات وما نتج عنها من تداعيات ربما سالت بسبب بعضها دماء أو اُزهقت أرواح ؛ بغض النظر عن كل ذلك فإن الرحيل عن هذه الدنيا – مهما طال العمر – ناموس كوني لايتغيّر ولايتبدّل ، وأن الموت مصير كل حي ، وكلّ منّا مهما علا شأنه وامتدّت سنوات عمره فإنه حتماً مغادر ، وسيفضي – لامحالة – إلى ماقدّم حيث القسط لايميل .

لايمكن لأحد أن يتصوّر الحالة التي يكون عليها الإنسان – أي إنسان- قبل مماته ، والأفكار التي تدور في مخيلته قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ؛ لكنها بالتأكيد لحظات قاسية يمرّ فيها شريط سريع لمسيرته ، مختلطاً بين الألم والأمل ، وبين الندم والرجاء ، تكون الحقيقة حينذاك واضحة له بلا غموض أو تشويش أو ضغوط أو … إلخ . لحظات يختصر فيها كل شيء ، كل شيء بما فيها من مناصب ومراكز ، ومعها كتب ومذكرات وحلقات وسلسلات وغيرها مما لايستحضر – في حالة محمد حسنين هيكل – من كل ذلك شيئاً ينصح به ويقوله لأعزّ خاصّته وأقربهم إليه في هذه اللحظة الفارقة إلاّ مقولته “الرحلة انتهت ، لا تعاندوا القدر” .

سانحة :

كلّما جاء ذكر الموت ؛ أستغرب من أولئك البعض الذين ألفوا الاغتراب عن دينهم وعادات وقيم مجتمعهم ، ومنهم من استكانوا إلى مجاورة الخسّة والرذيلة ، ومنهم من يلاحقوا الهوى وبناته ، ومنهم من اعتادوا محاربة الفضيلة ، وبعضهم ممن تقدّم بهم السن وتقوّست عظامهم واحدودبت ظهورهم وابيضت شعور رؤوسهم ، وصار لهم أولاد وربما أحفاد ، وبات من اللازم عليهم أن يفكروا في تحسين خاتمتهم قبل انتهاء ( رحلتهم ) . فما بقي من الأعمار أكثر مما مضى ، ولن يحتمل ما بقي من سني حياتهم المزيد من الخطايا . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : “خير الناس من طال عمره وحسن عمله ، وشرّ الناس من طال عمره وساء عمله ” .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s