المقالات

عن الجمبزه

فجأة وبدون مقدّمات ؛ يصحو أهل المحرق ليقرأوا ويسمعوا ويشاهدوا من يعلن لهم أن كبائن الصيادين و( العشيش ) الموجودة على سواحلهم التي مضى عليها عقد أو عقدين – وربما أكثر- من الزمان ؛ قد تم إنشاؤها بالمخالفة للقانون ، وأنها تمّت عن طريق ( وضع اليد عليها ) وأنها تشكّل تجاوزاً وتعدّياً على أملاك عامة ، بل أنها احتلّت سواحل أهالي المحرق وحرمتهم منها ، والأدْهى أنها صارت أماكن للممارسات غير الأخلاقية وأوكاراً للدعارة والخمور والقمار !! هذا الاكتشاف المذهل الذي تم الإعلان عنه في مختلف وسائل الإعلام بما فيها التليفزيون ؛ يلفّه الغموض وتحيط به بعض المشكلات المتعلقة بتوقيته ومصداقيته ومراميه .

أما التوقيت ، فالناس تتساءل عن سرّ هذا القانون الذي غضّ الطرْف – ليس أياماً أو أسابيع أو شهور فحسْب – ونام أو ( غفا ) كل هذه السنوات والعقود عن كل هذه الكبائن و( العشيش ) ليصحو الآن ، وبشكل مفاجيء ويقول أن هذه الكبائن تعدّت عليه ، وانتهكته ، ويجب إزالتها إنفاذاً لصحوة هذا القانون والتزاماً بأحكامه !

مشكلة التوقيت والتأخير تقودنا إلى الاستفسار عن المصداقية ؛ حيث كان يمكن للجهات المعنية أن تحسم قرارها وتطبق وتزيل بقوّة القانون هذه الكبائن باعتبارها عشوائيات غير مرخصة ، وذلك من دون الدخول في تفاصيل وحملة إعلامية تتضمن اتهامات يصعب إثباتها أو تصديقها مثل ( سالفة ) أنها حرمت المحرقيين من سواحلهم وأن هذه ( العشيش ) قامت باحتلالها !! إذ أن جزيرة المحرق أصبحت بدون سواحل ليس بفعل هذه الكبائن وإنما تم ( بلْع ) والتهام امتدادات واسعة من هذه السواحل والبحار ، وإقامة جزر ومنتجعات ومشروعات سكنية استثمارية  يسيل لها لُعاب المئات – وربما الآلاف –  من المواطنين الذين تمضي سني أعمارهم وأبناؤهم يكبرون أمام أعينهم دون أن يحصلوا على المأوى الذي يتمنونه وينتظرونه . وباتـوا يندبون حظهم وهم يرون جموع المتداولين من شركات ومؤسسات وبنوك ، لا أوّل لها ولا آخر ، في ما تتمناه لها أو لأبنائها وأسرها من عقارات وأراض كانت في يوم من الأيام هي سواحلهم . وبالتالي من كان لديه حرص على إعادة السواحل لأهلها فليبحث عنها هناك ، في المساحات الشاسعة المدفونة وليس عند كبائن هؤلاء البسطاء ، أو فليبذل جهداً – على الأقل – لتحريك مشاريع سواحل مثل إنشاء ساحل قلالي الذي مضى على الأمر بإنشائه أكثر من ثمان سنوات دون أن يرى النور !!

وأما ( سالفة ) اتهام هذه الكبائن بأنها أوكار للدعارة والخمور والقمار وماشابهها من الممارسات اللاأخلاقية ؛ فهذه اتهامات مرسلة تحتاج إلى إثباتها قبل رمي أصحاب الكبائن بها . ولنتصوّر حال أبنائهم وزوجاتهم وأقاربهم وهم يقرأون عن آبائهم أو إخوانهم بأنهم بكبائنهم – المقامة منذ كل هذه السنوات – قد استولوا على أملاك عامة وحوّلوها إلى مراتع خمور ودعارة و… إلخ ! ولاحاجة لي للتذكير أيضاً بأن من لديه غيرة وحرص على محاربة هذه الأوكار فإن أماكنها ومحلاتها معروفة وإساءاتها  لسمعة وطننا العزيز لاتخفى عليكم.

وأما مرامي حملة إزالة الكبائن وأهدافها ؛ فإن الكثيرين حينما يُقال لهم أن ذلك من أجل إعادة السواحل إلى الأهالي ؛ فإنهم يستدعون خبرتهم ويستحضرون ذاكرتهم بشأن البحار والسواحل المحيطة بهم ، ويتلفتون حولهم ، ثم يبتسمون ويقول لسان حالهم : عن الجمبزه ..

تطبيق القانون وإنفاذ أحكامه لايسعه كل هذا التردد ، ولايحتاج إلى كل هذه الحملات والاتهامات والتهيئات الإعلامية . إنما من الضروري أن يستوي الجميع تحت مسطرته ، فليست هذه الكبائن فقط هي غير المرخصة ، فهنالك شوارع سكنية تحوّلت بين عشية وضحاها إلى تجارية بدون ترخيص أو آليات وإجراءات الترخيص ، ضيقت على الناس في مساكنهم واستولت على مواقفهم . وهنالك مجمع تجاري كبير تم افتتاحه في عراد بالمخالفة لاشتراطات إنشائه وترخيصه من حيث الجسر أو الطرق الموصلة إليه ، وضاعف بعد افتتاحه  من الاختناق والازدحام في المنطقة خصوصاً في الإجازات.

سانحة :

ثقتنا كبيرة في حكمة الوالد الفاضل بوعيسى ، سلمان عيسى بن هندي محافظ المحرق وقدرته على احتواء مثل هذا الموضوع البسيط الذي لايعرف أحد سرّ إشغال الرأي العام به وتصويره بهذه الأهمية التي لايستحقها . ونأمل أن يتم التفاهم على حلّه بما يحفظ هيبة القانون ومراعاة مصالح الصيادين والبحارة وألاّيُظلمون أو يُضارّون في أرزاقهم وسمعتهم ، مع توفير المرافيء والبدائل المناسبة ، وضمان أن هذه السواحل بعد إزالة كبائنها لن تأكلها ( الحوته ) .

رأي واحد على “عن الجمبزه

  1. ساحل الحوض الجاف ليش ما يهتمون فيه؟ وغيره من سواحل المحرق المهملة والي ما فيها اي اهتمام! ؟

    إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s