منشور اليوم 21 مارس 2016م في جريدة الشرق القطرية http://cutt.us/DWzxq
هو عنوان مشروع خيري وحملة اجتماعية بدأت في بعض الدول الخليجية والعربية منذ حوالي عقدين أو أكثر من الزمان، تحمل في طياتها معاني نبيلة ومبادرة كريمة تستحق المتابعة والاحتذاء تحقيقًا لأهداف ربما صار من اللازم أن تصعد إلى قمة الاهتمامات المجتمعية التي يجب أن تحظى بالعناية في ظل كثرة من التطورات الخطيرة والتغييرات التي أصبحت تهدد مؤسسة الزواج وتعرقل سيرها، بدءا من تأخر سن الزواج وتضخم تكاليفه ومقتضياته، ثم تنامي ظاهرة العنوسة وانتهاء بالطلاق الذي باتت نسبه مقلقة ومخيفة.
وهي أمور وتداعيات استوجبت أن يسعى الجميع – ليست الدولة فقط – لإحداث تغييرات اجتماعية كبيرة من حيث إعادة ترتيب بيوتنا ومقتضيات النشأة والتربية والثقافة وطرق المعيشة والسلوك العام ومراجعة سلّم الاهتمامات. وذلك لما للتغييرات الاجتماعية والديموغرافية المترتبة على تعثر الزواج من آثار على المدى البعيد، تتعلق بالهوية والانتماء نخشى أن نقول أنها لم تكن في السابق ضمن وارد التفكير والحسبان.
ولاشك أن المهور الباهظة والمصاريف العالية والطلبات المرتفعة والمُبالغ فيها؛ أصبحت تبعد هاجس الزواج عن الشباب أو تؤخر الشروع فيه، ويخسر بالتالي المجتمع فوائد الزواج المبكر أو يُلقي بالشاب في أتون الانحراف الذي صارت أبوابه مفتوحة وميسرة بأقل أقل التكاليف!!
تزداد الحاجة للتفكير مليّا في هذا الأمر عند النظر، ليس في إحصاءات العنوسة والطلاق فحسب؛ وإنما الأخطر النظر إلى حجم العمالة الأجنبية في دولنا وأعدادهم المهولة وما يشكلونه من خطر متنام على التركيبة الديموغرافية في وسط ظروف تأخر للزواج أو عزوف عنه أو ما شابه ذلك من مضاعفات هي تضرب في مداميك البنية والهويّة الاجتماعية.
إن تغيير النمط العام في مسائل الزواج، من مهور وتكاليف باهظة مسؤولية مجتمعية تحتاج إلى تضحيات ومبادرات تعيد الزواج إلى سكّته الصحيحة. وأحسب أن المبادرات والمقترحات في هذا الصدد بدأت تأخذ عناوينها في عموم مجتمعاتنا الخليجية، وما فكرة الزواج الجماعي إلاّ أحد مصبّات هذا التوجّه الحميد، توجّه تيسير سبل الزواج والتشجيع عليه وإزالة العقبات التي تأخره أو تحول دونه.
ففي مملكة البحرين؛ جرى الاحتفال يوم الجمعة الماضية بأكبر حفل للزواج الجماعي في تاريخها حيث تم الاحتفاء بدخول ما يقارب (870) شابًا وشابة القفص الذهبي بدعم كريم من مؤسسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية في إطار العلاقات الحميمية داخل البيت الخليجي.
ورغم أن مشروعات واحتفالات الزواج الجماعي ليست قليلة في البحرين إلاّ أن ما يميز احتفال الجمعة الماضية هو كونه يحمل رقم الحفل الثلاثين للزواج الجماعي الذي يرعاه ويشرف – مشكورًا ومقدّرًا – على تنظيمه منذ بدء انطلاقته الوالد الفاضل خليفة بن أحمد الظهراني رئيس مجلس النواب السابق، إذ استفاد منه مئات الشباب والشابات الذين تجاوزوا خانة الآلاف، حيث أسهمت تلك الأعراس في خفض تكاليف الزواج وأصبحت ضمن الحلول والمبادرات الإيجابية للتشجيع على إقدام أبنائنا على تحصين أنفسهم والشروع في بناء أسر خاصة بعدما تعقّدت أمور الزواج وتضاعفت تكاليفه وصار كما الشبح الذي يكون مصيره الخوف من الاقتراب منه أو حتى التفكير فيه. وذلك في ظل صعوبات معيشية متزايدة ومرحلة تكوين للشاب ليست بالهينة.
ولعلّ من المبادرات المجتمعية الراقية التي تصبّ أيضًا في تحقيق أهداف (أعراس بلا تكاليف) هو ما قررته دولة الإمارات العربية المتحدة بتغيير مواعيد الأعراس، وتحديد وقتها بساعتين فقط، لتكون من الرابعة عصرًا حتى السادسة مساء، إضافة إلى منع تقديم الوجبات الرئيسية (ولائم الطعام) في الأعراس والاكتفاء بالاستقبال والضيافة الخفيفة. وهي خطوة تعمل على توفير نفقات بذخ وإسراف ربما صارت (تكسر) ظهر العرسان وأهاليهم، وتسهم في تغيير النمط العام في مسائل الزواج. فإلى مزيد من تحمّل مسؤولية مجتمعية تتضافر لأجلها الجهود الرسمية والأهلية وتحتاج إلى تضحيات ومبادرات تعيد الزواج إلى سكّته الصحيحة، في البساطة والتيسير.