المقالات

يامعوّد

مع الإعلان عن تغيير الرسوم المحصلة على الكهرباء وزيادتها اعتباراً من شهر مارس بحسب خطة رفع الدعم عنها ؛ قيل ابتداء – كالعادة – أن المواطن لن يتضرر منها ، وأن ذلك التغيير يخص الأجانب والشركات دون المواطنين . وهو قول لم يصمد كثيراً حيث تم التراجع عنه وتوضيح أنه سيبقى للمواطن حساب منزلي واحد فقط مدعوم على أساس التعرفة السابقة . التفاصيل التي فسرت معنى الحساب الواحد للمواطن كانت مؤلمة واشتراطاتها تكاد تفقد قيمة استفادة المواطن ، فحرمت بيوت الزوجات الآخريات وحرمت الأبناء ( غير المتزوجين ) وربما غيرهم .

غير أن المشكلة الأكبر – في تصوّري – تكمن في الحالة شبه الأزلية التي تتكرّر عندنا كلما صارت عملية توزيع إعانات أو مكرمات أو تقديم دعم معين ، إذ تتطلب مسألة استحصال معلومات وبيانات مستحقيها أنواعاً من ( المرمطة ) القريبة من امتهان الكرامة ، نستغرب استمرارها والإصرار على تكرارها في ظل نظام إلكتروني من المفترض أن جميع تلك البيانات تحت السيطرة الآلية والتحديث الأوتوماتيكي والفرز التلقائي من خلال أنظمة وشبكات وقواعد معلومات إلكترونية موجودة ومتوفرة ومترابطة ومتكاملة يمكن – أو هكذا نعتقد –  أنه بالضغط على بضعة أزرار في أجهزة الحاسوب نستطيع الحصول على بيانات المواطنين وحساباتهم في الكهرباء ، وبالتالي فرزها بحسب بطاقات هوياتهم ومطابقتها لعناوينهم وتصنيفها – أوتوماتيكيا- إلى حسابات منزلية وغير منزلية ، مستحقة للدعم وغير مستحقة . هكذا يُفترض لولا أنه بين يدي حالة تبين لنا ( عوار ) التحول الإلكتروني واستمرارية عمليات التسجيل الورقي وعجز كل هذه القواعد المعلوماتية عن حصر المستحقين في كل مرّة يجري الإعلان عن إعانات أو مكرمات أو ماشابه ذلك . وأذكر أني كتبت في هذا الموضوع غير مرّة قبل أن يتم إيقافي عن الكتابة في عمودي الصحفي بأخبار الخليج ظلماً وتعسفاً .

الحالة التي أتكلم عنها اليوم تتعلق بأرملة ؛ حيث انتشر الأسبوع الماضي ( مسج ) في أجهزة التواصل الاجتماعي يحتوي على موقع إلكتروني وخط هاتفي ساخن لمن أراد أن يتأكد من استحقاقه لدعم الكهرباء من عدمه . أحد أبناء هذه الأرملة اتصل بالخط الساخن المذكور ليُقال له بأن المنزل الذي تسكنه الأرملة سيكون حسابه غير منزلي !  أي غير مدعوم وستُحتسب عليه تعرفة الكهرباء الجديدة كما الأجانب ، سألهم عن السبب فقالوا لأنه مسجل باسم شخص متوفى هو زوج الأرملة !! صاحبنا حاول جاهداً أن يبين لهم أن زوجها متوفى منذ حوالي عشر سنوات ، وأن أرملته هي الوحيدة الساكنة في هذا المنزل ، وهي الوحيدة التي بطاقة هويتها مسجلة بذات عنوان المنزل ، وأن وأن وأن … إلى آخره من شروح وتوضيحات لم تفد .

المهم ؛ أنه تم الطلب منه المراجعة لتحويل اسم الحساب لصالح الأرملة حتى يمكن تحقيق استفادتها من دعم الكهرباء  ، وأهم الأوراق والمستندات المطلوبة هي : 1- بطاقة الهوية الأصلية للأرملة 2- نسخ من بطاقات هوية الأبناء والورثة . 3- الفريضة الشرعية وحضورها الشخصي أو تخويل منها . وبالطبع لاحاجة لي لبيان أن هذه الأوراق المطلوبة تستطيع الأجهزة الرسمية المعنية الحصول عليها ومعرفة مابداخلها من معلومات وبيانات من مظانّها الأصلية بالضغط على بضعة أزرار في أجهزة الحاسوب ،  فبيانات المواطنين بأسمائهم وأرقامهم الشخصية وصورهم وعناوينهم وأسماء زوجاتهم وأولادهم وجميع الأعمار و… إلى آخره هي مخزنة منذ الولادة حتى الوفاة ، ويُفترض أنها متاحة في عمليات إلكترونية متيسرة ومترابطة ، لا يوجد فيها أي عناء لاستخراجها والاستفادة منها وفق أي تصنيف تريده مختلف وزارات الدولة ومؤسساتها ، سواء في علاوات الغلاء أو دعم الكهرباء أو بطاقات مسنين أو بطاقات تموين أو غير ذلك مما لايمكن فهم أية أسباب أو مبررات لعدم تحديد مستحقيها إلكترونيا وتلقائياً من دون حاجة لـ ( لمرمطة ) أحد ، أي أحد ، وبالذات من فئات الأرامل والمطلقات اللواتي يصعب التصديق أنه مطلوب منهن كل هذه الإجراءات حتى يشملهن دعم الكهرباء .. يامعوّد .

يامعوّد : لفظة من اللهجة العامية عند إخواننا الكويتيين تُستخدم للإعراب عن الاستنكار المبطّن بالاستغراب والاستهزاء وصعوبة التصديق.

سانحة :

على ذكر ( طاري ) إيقافي عن الكتابة في جريدة أخبار الخليج ؛ كلما شرحت لأحد قصة منعي من الكتابة قام يضحك .. فقد وقفوني بسبب مقال غير منشور في الجريدة !! كويتي يقول لي : معقولة يامعوّد !

رأي واحد على “يامعوّد

  1. المشكلة هي أنه لين الشخص يتوفى الدولة ما تدري إنه توفى … أقصد مختلف الأجهزة الحكومية ، وهاي إجراء ناقص في وزارة الصحة المفروض يكون عندهم أبديت مباشر مع الجهاز المركزي للمعلومات بأنه أي شخص يتوفى يتم تسجيله أنه متوفي ويتم عمل باقي الإجراءات اللازمة.
    فبوجود هذه الثغرة ، يقوم الكثير من الناس باستخدامها ، خصوصا من يحمل كفالة من الشخص المتوفي ، يقوم بعمل عدة إجراءات بعد وفاة الشخص ، دون علم الجهات بوفاته!
    وهاي إلي صار لين قالوا إن بيل الكهرباء راح يكون بلاش للمتوفين … كان الهدف إنهم يحدثون البيانات ويعرفون من متوفي!

    إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s