المقالات

تصفيق المشجعين

مما اشتهر – وربما لايزال – عند الصغار والمراهقين أثناء مشاغباتهم أنهم يجدون من يشجعهم أو يدفعهم أو حتى يهنئهم على شغبهم أو أفعالهم التي عادة مايكتشفون في تالي أعمارهم أنهم كانوا ( بلهاء ) أو أنهم قد فرّطوا في مصالحهم ومصالح غيرهم دون أن يشعروا . وأنهم كانوا ضحية حينذاك لما يمكن تسميته بـ ( بتصفيق المشجعين ) .

فحينما ينبري طالب أو اثنين أو أكثر في الصف الدراسي ، فيعملوا حركات أو يطلقوا أصوات أو يحذفوا أشياء تعطّل من سيْر الدرس وتثير المعلم وتنتقص من شخصيته وهيبته ، وقد تجعل من حصته فوضى ؛ يجد هؤلاء المشاغبون من يضحك لأفعالهم أو من يشعرهم بأنهم أبطال ( لوفرية ) يُعمل لهم حساب ، ويجدون من يتستّر على الكشف عنهم ، ويتوفر من يصمت عن أفعالهم رغم الضرر الناتج عن مشاغبة معلمهم واستفزازه وتعطيل درسهم وتضييع وقتهم .

في ذلك العالم ( عالم الصغار والمراهقين ) يكون تصفيق المشجعين حاضراً لهم في كثير من التصرفات والممارسات الخاطئة ، ومنها – على سبيل المثال وليس الحصر –  التدخين ، حيث يأتي من يقول لهم ( أن اللّي ما يدخّن سيجارة مب ريّال ) فيكون التدخين بالنسبة لهم دليل رجولتهم وعنوان تميزهم عن غيرهم حتى لو كان تدخينهم بالسر وفي الخفاء عن أعين المعلمين والوالدين ، لكنهم أمام أصحابهم وعند من يغضّ الطرف عنهم يتغشاهم  شعور ( بطولي ) ويعتقدوا أن الآخرين ينظرون لهم بإعجاب .

لا أريد أن أسترسل في أمثلة تجاوزات وممارسات ( عالم الصغار والمراهقين ) التي كلّما زاد التفريط في ضبطها ووقفها ، وكثر في مقابلها ( تصفيق المشجعين ) تجرأوا على ماهو أبعد وأخطر منها ، وتعقّدت حالتهم ، وتأزمت شخصيتهم وتضاءلت فرص علاجهم ، وانتقلت تداعياتها للقريبين منهم في أسرهم ومحيطهم لالشيء سوى أنه وجد إبّان بداية انحرافه من يصفّق له أو من خدعه بالتصفيق له .

تصفيق المشجعين الذي أشرت له يمكن أن ينطبق اليوم على قضايا وأمور خاطئة وسيئة كثيرة في حياتنا لانتخذ بشأنها المواقف الصحيحة ولانقوم لوأدها بالحراك السليم أو أننا نتجاهلها ونلوذ بالصمت عنها فيكون ذلك مدعاة لاستحسانها والاستمرار فيها وزيادة خطورتها وتفاقم كلفة علاجها . ويدخل ضمن هذا التصفيق عدم اتخاذ المعارضة بجمعياتها ومرجعياتها موقف مبدئي واضح وحازم تجاه الأعمال الإرهابية التي تؤدي إلى التعدّي على حق الحياة ، مثل الاعتداء على دورية شرطة في كرباباد ومانتج عنها من قتل وإصابات يُفترض أن تكون محل إدانة واستنكار صريح لايحتمل اللبْس ، إدانة تجرّم مرتكبي هذا الفعل وتحرّم اللجوء إليه مهما كانت دوافعه ، وتؤكد أن حراكهم ليس في هذا الاتجاه ، ولا علاقة له من قريب أو بعيد بهذا المسلك .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s