المقالات

مثلما هلك (أبو الأشد )

منشور في جريدة الشبيبة العمانية

يُروى في تاريخنا الإسلامي العظيم أن هذه الآية الكريمة من سورة البلد قد نزلت في أحد كبار الصناديد من أهل قريش ، من محاربي الدعوة الإسلامية في بداياتها ، ناصب العداء للرسول صلى الله عليه وسلّم وأصحابه وآذاهم شديد الإيذاء . بل كان يفتخر بأنه أنفق أمواله الكثيرة في سبيل التضييق على انتشار الإسلام ومعاداة محمد صلى الله عليه وسلّم .

هذا الطاغية اسمه أبو الأشد بن كلدة الجمحي ، كان قوياً ، شديد البطش حتى أنه بلغ من شدّته أنه كان يقف على الأديم ( جلد بقرة )  ويجاذبه عشرة رجال لينتزعوه من تحت قدميه فيتمزّق الجلد ويتقطع قطعاً ولا يتزحزح عنه . وعلى طريقة الطغاة والمتجبّرين : كان التباهي والغرور والصلف والتكبّر هي الصفة الغالبة على ممارسات هذا الرجل ، كغيره من الطغاة في منطقهم الذي يقول : ” ما علمت لكم من إله غيري ” وقيل عن تكبّره واستهزائه بأقدار الله سبحانه وتعالى أنه لمّا نزل قوله تعالى عن النار ” عليها تسعة عشر ” جاء أبو جهل وقال لقريش: ” ثكلتكم أمهاتكم ، أسمع أن ابن أبي كبشة (يعنى محمداً ) يخبركم أن خَزَنة النار تسعة عشر، وأنتم الدّهم الشجعان ، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم ؟ فقال له أبو الأشد بن كلدة الجمحي : “أيهولنّكم التسعة عشر، أنا أدفع بمنكبي الأيمن عشرة ، وبمنكبي الأيسر التسعة ، ثم تمرّون إلى الجنة ”  كان يقول ذلك مستهزئا. وفيه نزل قول المولى عزّ وجل ” أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ” فقد قضى وانتهى هذا الظالم المتجبّر من دون أن يبقى له ذكر إلاّ في الاعتبار بسيَر الطغاة والمجرمين الذين تحدّوا عظيم السموات والأرض وتجرأوا على أن يكونوا في منزلته وعظمته فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر لأن سنن الله جارية ماضية ، لا تحابي أحداً ولا تجاري دولاً مهما بلغت من القوة والجبروت. 

ومانشاهده من مذابح ومجازر في بلاد الشام ، يندى لها الجبين ، وتتفطّر من هولها الأفئدة تجسّد في ممارساتها من إراقة دماء زكية وقتل وذبْح بلاهوادة ، لافرّق فيها بين كبار وصغار ، أو رجال ونساء وأطفال في مشاهد لمآسي مروّعة تقترب من أفعال التتار والمغول ؛ نفس شخصية الهالك أبو الأشد بن كلدة الجمحي وغطرسته وتكبّره وإمعانه في الطغيان ولسان حالنا يقول لجزّار سوريا وأعوانه : ” أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ” حتى لو أيّدته وتواطئت معه كل قوى الأرض لأن سنن الله جارية ماضية وهي لا تحابي أحداً ولا تجاري دولاً مهما بلغت من القوة والجبروت حيث سينتهي ( بشار ) مثلما هلك (أبو الأشد ) وستُطوى سيرته ، وسيكون محلها سجلات المجرمين والسفاحين ، للعظة والاعتبار .

سانحة :

ماهو الفرق بين قصف وتفجير مستشفى حي السكري في حلب وتفجير مسرح باتاكلان في باريس وتفجير مقر صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية وتفجير مطار بروكسل حتى يلوذ العالم بالصمت تجاه مجازر حلب ويعلن ذات هذا العالم الاستنفار والطواريء ويهدد ويتوعد أمام تفجيرات باريس وبروكسل ؟!  الجواب : هو أنه إذا كان المقتول مسلماً فإنه أمر معتاد ، دمه من أرخص الدماء ، لايصلح أو يستحق ( فزعتهم ) ، وأما إن كان غير ذلك ، خاصة من الجنسيات الغربية والأمريكية فإنه لأجله يمكن أن ( يقف العالم ولايقعد ) .. حسبي الله ونعم الوكيل .

 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s