منشور في جريدة الشرق القطرية
من يتابع آلة الإعلام والدبلوماسية الأمريكية والغربية هذه الأيام سيدرك أن مرحلة خطيرة يجري الإعداد لها و(طبخها) وتركز نيرانها نحو المملكة العربية السعودية في سيناريو يشبه إلى حد كبير (الدراما) التي مارستها ذات تلك الآلة الخبيثة قبل غزو العراق في العام 2003م.
السعودية بما تمتلكه من حضور أو امتداد سني تتحمّل مسؤولية حمايته والذود عنه في خضم الحرب الصفوية المدعومة بالتآمر الغربي على وجود هذا المكوّن الرئيس للإسلام؛ هي الآن محط الهجوم والتحريض الذي باتت تمارسه الدول والمنظمات ووسائل الإعلام، وملخصه اتهام المملكة العربية السعودية برعاية الإرهاب وتحميلها مسؤوليته.
أسوأ ما في هذه الحملة القذرة أن يصدقها بعض القوم أو بعض الدول، ويقتنعوا بما تبثّه من دعاوى تصبّ في تكريس هذا الاتهام وتدفع نحو التحشيد الأوروبي والأمريكي ضد الحاضنة الرئيسة لأهل السنة والجماعة بقصد إضعاف سياستها وتمزيق وحدتها والإخلال باقتصاداتها.
القرارات والمشروعات الغربية والأممية الأخيرة من مثل مشروع القانون الذي أقره الكونجرس الأمريكي الذي يتيح لضحايا اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ملاحقة المملكة العربية السعودية قضائيا، لدورها المفترض في هذه الاعتداءات. والدعوة التي أصدرها البرلمان الأوروبي بشأن فرض حظر أوروبي على تصدير السلاح إلى السعودية وما أعقبه من تصنيف مريب للأمم المتحدة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية ووضعه ضمن منتهكي حقوق الأطفال. فضلًا عن التقارير والحملات الإعلامية الممنهجة في هذا الاتجاه وتهدف لإعطاء الخطاب الغربي والأمريكي فسحة من مشروعية الحضور والتدخل وكذلك تشكيل أرضية صلبة لمصداقية طرحها بخصوص توجيه تهمة رعاية ودعم الإرهاب، وبالتالي اتخاذ خطوات أخرى تعتقد أنها مباحة أو متاحة لها في ظل هذه المعطيات التي تقوم بها مكائنها الإعلامية والدبلوماسية.
وهنا يجدر بنا التأكيد أن مثل هذه الاتهامات إنما هي لعبة رخيصة تجنّد الولايات المتحدة الأمريكية لتصديقها وتسويقها مسرحيات وسيناريوهات يجري إعدادها بدقة متناهية لتمرير أجندات وأهداف – ربما – لن تمرّ بغير هذه التمثيليات.
ولعلنا نتذكّر الكتاب المثير للجدل الذي ألّفه في أعقاب حادث 11 سبتمبر 2001 الخبير الفرنسي في مجال حقوق الإنسان لدى مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي تيري ميسان، وحمِل عنوان “الخديعة المرعبة” وحظي بانتشار واسع وتضمن أدلّة وتقارير تكشف تناقضات الروايات الرسمية وتفكّ طلاسمها بصورة جعلت المؤلف يعلن في مقدّمة كتابه أن “الرواية الرسمية لأحداث 11 سبتمبر 2001 عبـارة عن مونتاج سينمائي لا أكثر ولا أقل، وأن الرد الأمريكي في أفغانستان يفتقد العدالة والشرعية” ثم سرد في كتابه تفصيلات كثيرة اعتبر بموجبها هذه الأحداث كأنها مسرحية تم إخراجها لأجل أهداف سياسية كانت تحتاجها الإدارة الأمريكية.
وأحسب أن تنظيمات (داعش) وقبلها (القاعدة) وربما تأتي بعدها تنظيمات مماثلة إنما هي أحد شيئين، أولهما إنها – هذه التنظيمات – أسدت خدمة لا تُقدّر بثمن للمتربصين بأمتنا العربية والإسلامية، المتحفزين للانقضاض على مقدّراتها ومكتسباتها. وثانيهما (وهو الأرجح) أنها خدعة رهيبة سوف تتكشف سيناريوهاتها مع مرور الزمن بما يثبت أنها كانت أدوات في يد المنفذ يحركها أينما ووقتما شاء. فاللهم احفظ بلاد الحرمين الحرمين الشريفين وسائر بلداننا مما يُحاك لها.
سانحة:
أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، أسلحة الدمار الشامل في العراق، محاربة الإرهاب، القاعدة، وداعش؛ هي مقدّمات لتحقيق نتائج وأهداف معدّة سلفًا.