المقالات

خدمات داعشية !!

منشور في جريدة الشرق القطرية

http://www.al-sharq.com/news/details/428975

قلنا، وسنظل نقول، إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) إنما هو مولود ظهر إلى الدنيا في ظروف غامضة ومفاجئة، لا يعرف أحد حتى الآن على وجه الحزم واليقين تفاصيل نشأته ومراحل تكونها وكيفية تجمعه وأسباب قوّته وما إلى ذلك من معلومات وبيانات هي لا تزال في مواقع التحليل أو التخرّص، مما أعتقد أنه في يوم ما سيتكشف للعالم المزيد حوله -داعش- بكلّ جلاء، وبما قد يبين أنه منتج تم صناعته بليْل لتحقيق أهداف معينة، وتركيبة جرى تفصيلها في الظلام بعناية لخدمة: أولًا المشروع الصفوي في المنطقة، وثانيًا إخضاعها لطوْع المشروع الأمريكي بشأن تقسيم المنطقة وابتزازها وإبقاء سيطرته عليها لآماد وآجال غير محددة، تُستنزف خلالها الثروات والمقدّرات المالية والاقتصادية في هذه المنطقة الغنية باحتياطات النفط والغاز.

أما خدمة داعش للمشروع الصفوي فإنه قد انفضح من خلال ما بات يُسمى بالمواعيد الذكية لتدخّل داعش في مدن ومواقع سورية كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تسقط في أيدي المعارضة والثوار السوريين، فيؤخر داعش سقوطها وتحرّرها، ثم يحارب ويقاتل الثوار ذاتهم ممن كان يُفترض أن يكون -داعش- مع صفّهم لولا أن أجندته مختلفة عنهم تمامًا، ولا تتضمن إسقاط نظام الأسد.

وأما في العراق فإن الحكاية صارت مكررة ومعروفة، يقتحم داعش المدن (السنيّة) العراقية الكبيرة فـ(يهرب) منها الجيش العراقي والقوات الأمنية على طريقة أفلام السينما (هوليودية) ويعلن الدواعش إحكام سيطرتهم عليها. ثم يدخل الحشد الشعبي (قوات جحش) وهي ميليشيات وفيالق شيعية تحت غطاء القوات العراقية لتحرير هذه المدن (السنية) فترتكب مذابح ومجازر، وتهجّر الأهالي منها وسط تواري داعش عن الأنظار والمشهد وتراجعه.

وأما خدمة المشروع الأمريكي، فإن من صنع داعش أرادها أن تبقى واجهة للإرهاب بماركة مسجلة وحصرية لأهل السنة والجماعة فقط، يجري استخدامها كشماعة لحروب وكشماعة لابتزازات وكشماعة لتغيير مناهج وكشماعة لتجفيف منابع وكشماعة لمحاصرة أموال وتجميدها وكشماعة لتشويه الإسلام وكشماعة لأمور كثيرة قوام ضحيتها ليس بينهم من غير أهل السنة والجماعة! هي كمسمار جحا بالنسبة للأمريكان وحلفائها الذي يضمن لهم التواجد بشكل دائم والاستنزاف المتواصل.

وعلى العموم، سواء صدقت التحليلات بشأن الدور المريب والمواعيد الذكية للدواعش وغموض النشأة ومباغتة (الطلعة) والأجندة الصفوية والأمريكية التي يخدمها أو لم تصدق، فإنه يتوجب هذه الأيام إثارة سؤال يتعلق بتوقيت ومكان بعض العمليات والاعتداءات التي حصلت في أوروبا وأمريكا، في فرنسا وأورلاندو، وتبني تنظيم داعش لها وإعلان مسؤوليته عنها، حيث من المرجح أن توقيتها ومكانها يهدف إلى صرْف الأنظار وحرْف بؤرة الاهتمام عما يجري في الفلوجة من مذابح مروّعة يندى لها الجبين، يُحرق الناس وهم أحياء ويُدفنون في مقابر جماعية، وتلاحق آلات القتل والفتك حتى النازحين منها، القتل بلا حساب، آلاف المفقودين، وعشرات مثلهم محاصرين، أغلب التغطيات الإعلامية تشير إلى حالة ذهول من شدّة الجريمة المرتكبة غير المسبوقة هناك وفظاعتها. ولذلك -ربما- جرت الاستعانة بداعش واستدعاؤه لتغيير وجهة العالم وتحويل (الفوكس) عما يحدث لإخواننا وأبنائنا في الفلوجة مما يتفطّر من هوله حتى الصخر.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s