منشور في جريدة الشرق القطرية http://www.al-sharq.com/news/details/435271
كما الصدمة غير المتوقعة؛ صحا الأمريكان صباح الجمعة الموافق للتاسع من الشهر الحالي على وقع أشبه ببداية انتفاضة يقودها السود احتجاجا على العنصرية التي ضجّوا من ممارساتها ضدهم، فكان حادث قتل الشرطة لرجلين من السود في لويزيانا ومينيسوتا شرارة لإشعال البارود الذي كان يحمي – أصلًا – داخل البرميل. ردّة الفعل التي حصلت لم تكن في حسبان الحكومة والساسة ورجال الأمن الأمريكان حيث اعتادوا في مثل هذه الحوادث أن تكون الاحتجاجات السوداء سلمية ومحدودة في بعض المواقع. ولم يكن في وارد توقعاتهم أبدًا أن تنتشر هذه الاحتجاجات لتعم مختلف المدن الأمريكية ويكون حمل السلاح هو الرد المستخدم عند هؤلاء السود، وتتحول إلى ما يقارب حرب شوارع بين الأمن والمتظاهرين، فيسقط انتقامًا لقتل الشرطة لرجلين من السود مقتل خمسة من رجال الشرطة وجرح ضعفهم؛ الأمر الذي سبب هلعًا على مجمل الخريطة السياسية الأمريكية وأصابها التوتر، ورفع درجة القلق إلى الحدّ الذي دفع الرئيس الأمريكي أوباما قطع إجازته والعودة من أوروبا، كما ألغى مرشحا الرئاسة الأمريكية المحتملان، دونالد ترامب، وهيلاري كلينتون، فعاليات لحملتيهما الانتخابية وتفرّغا لمتابعة تطورات الاحتجاجات السوداء.
وكان من بين الشعارات التي رفعها المحتجون السود في مظاهراتهم الأخيرة جملة صاعقة استقطبت اهتمام مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وتناقلها بالذات العرب بشيء من الصدمة الممزوجة بالمهانة لأنها جاءت على جرح غائر وغزير وضربت على وترٍ حسّاس، وتعبّر عن واقع أليم – وربما– مخزٍ. العبارة المقصودة مكتوب فيها (we are not AREBS to kill us and keepsilen) وترجمتها: (لسنا عربًا تقتلوننا فنسكت).
بمعنى أننا العرب أصبحنا الآن محلًا للاستشهاد بنا ومضربًا للأمثال في مقدار الانهزام والرضا بأن تُستباح دماؤنا وتُزهق أرواحنا وتُدنّس مقدساتنا وتُرتكب المذابح تلو المجازر في سوريا أو العراق أو فلسطين أو ليبيا أو اليمن أو الصومال من دون أن يكون لنا مواجهة أو انتقام أو أي ردّ فعل يوازي الفعل ويتناسب مع الجرْم المرتكب في حقنا، ومن دون أن نغضب للدماء والأعراض والأرواح المسلمة التي بات إزهاقها وانتهاك حرماتها والاعتداء عليها برنامجًا معتادًا ومألوفًا لدى شعوب الأرض قاطبة بمن فيهم الأمريكان السود الذين يعانون على مرّ السنوات والعقود الماضية من الظلم والاضطهاد والتمييز العنصري قبل أن ينتفضوا مؤخرًا ويفاجئوا جلاّديهم، ويعلنوا بكل شجاعة ورباطة جأش للكابوي الأمريكي بأنهم: “لسنا عربًا تقتلوننا فنسكت”.
سانحة:
مما نظمه أبو الطيب المتنبي في شعره:
إذا ظلمت امرأ فاحذر عداوته من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا