يقال والعهدة على الراوي أن لجنة من لجان ضبط الإنفاق وترشيده في إحدى الدول القريبة قد اتخذت قرارا جريئا ربما يوفر مئات الآلاف من الدنانير – إن لم يكن أكثرويتجاوز خانة الملايين – وسينشر نوعا من الرضا والطمأنينة عند الناس ، ويعيد ثقتهم في إجراءات الدولة وتجعل الجميع بمافيهم طبقة محدودي الدخل يتفهمون بأن مسألة معالجة الأزمة الاقتصادية وتلافي تداعياتها لم تعد حكرا عليهم ، ولاتتحملها جيوبهم لوحدهم .
القرار الشجاع ينطلق من مبدأ أن الأولوية في التقشف تبدأ على من هم في رأس الهرم نزولا إلى قاعدته ، وذلك على خلاف المتعارف عليه والمعمول به أن هذه السياسات التقشفية تكون عادة في قاعدة الهرم حصراً وقصراً كلما حلّ طاريء اقتصادي أو عصف ظرف مالي.
قرار هذه اللجنة – بحسب الراوي – يتعلق بشد الحزام على المسؤولين الكبار من وزراء ومن في حكمهم انطلاقا من أن مستويات مداخيلهم ورواتبهم هي الأقدر على تحمل الصدمات والاهتزازات ويمكنها استيعابها والتأقلم معها على عكس عموم الناس الذين قد ( تنعفس) حياتهم لو تأثر جزء صغير وبسيط جداً من مداخيلهم .
ارتأت هذه اللجنة أن من هم في رأس الهرم يمكنهم شراء سيارات لأنفسهم ولزوجاتهم وأبنائهم حيث أوصت بأن هؤلاء الوزراء ومن في حكمهم ليس لهم إلا سيارة واحدة تستخدم لأغراض العمل فقط ، ويسحب منهم (أسطول) بقية السيارات من ( مرسيدس ولكزس وBmw) وماشابهها من سيارات مسجلة باسم الوزارة للخدمات والضيافة لكنها صارت حقا مشاعا للوزير وعائلته . كما أوصت هذه اللجنة بأنه ليس للوزير ومن في حكمه خَدَم وسوّاقين وزرّاعين ومغسّلين سيارات يستلمون رواتبهم من وزارته بينما هم يعملون في بيوته ومزارعه وسياراته و … الخ .
منعت هذه اللجنة على من هم في رأس الهرم مايسمى ( كوبونات البترول ) وطالبت بأن يقوم الوزراء ومن في حكمهم بملء خزانات وقود سياراتهم وسيارات أبنائهم وعوائلهم من حسابهم الخاص مثل بقية خلق الله . أوقفت هذه اللجنة أيضا صرف (نثريات) مكتب الوزير ومن في حكمه ، وهو مبلغ شبه يومي يغطي نفقات خاصة جدا غالبا ماتكون محل ترف وهدر للمال العام وبعضها يكون على أكل ( السندويشات ) وشرب العصائر ووضع الورود ، ومثلها ( نثريات ) مهمات السفر الرسمية التي أوقفتها هذه اللجنة المخلصة وقررت معها أن تقصر تذاكر السفر على الدرجة السياحية فقط ، ومن أراد منهم – الوزراء ومن في حكمهم – تغيير درجة الطيران فلتكن على حسابه الخاص وليس على حساب الدولة في ظرفها الراهن .
تفاصيل كثيرة ينقلها الراوي حول ذلك القرار الجريء الذي ارتأى في الخلاصة أن مستوى وحجم رواتب الوزراء ومن في حكمهم فيها من الكفاية والملاءة مايمكنها تعويض أي نقص يسببه قرار تقليص مزاياهم من سيارات وكوبونات بترول وخدم وسواقين و(نثريات) أكل وشرب وورد ، بعضها مقنّن في لوائح وبعضها يتم بطريقة ( وضع اليد ) جرأة على المال العام . وأن البدء بهم – باعتبارهم في رأس الهرم – سيكسب عموم إجراءات معالجة الأزمة الاقتصادية ثقة ومصداقية ، وسيبرز نموذج القدوة القابلة للاحتذاء بها من قبل قواعد الهرم ، وسيحقق – وهو الأهم – وفرا كبيرا أكثر بكثير من بقية إجراءات قد تضيّق على البسطاء في علاواتهم وترقياتهم وساعات عملهم الإضافي ونحوها مما لاترقى إلى مستوى الهدر والبذخ الذي أرادت هذه اللجنة الحصيفة التصدي له ووقف استشراء فساده .
في الواقع لم يتسن لي الوقوف على صحة هذه المعلومات بشأن هذا القرار لكنه بغض النظر عن صحتها أو عدمها ؛ إلا أن فكرة اتخاذ مثل القرار جديرة بالطرح والاهتمام الآن في خضم كثرة الكلام عن توجهات هنا أو هناك عن دواعي تقشف وترشيد إنفاق بات من الواضح أن ذوي الدخل المحدود والمتوسط هم المستهدفين أو للدقة – بحسب الخبرة والتوقع – أكثر الخائفين والمتضررين منها بينما ( الكباريه ) في معزل عن الخوف والإحساس بها في ظل تعامل مع الهرم بالمقلوب !!
سانحة :
في سابق الأزمان ؛ كان اللصوص يتلثمون ، أما الآن فإن اللصوص يلبسون البشوت.
صح لسانك.
نتمنى تطبيق هذا الأمر في البحرين ، ولا يتم الأخذ من الموظفين البسطاء حقوقهم.
إعجابإعجاب